لقي تحقيق "الرياضة المدرسية الأهلية تشجعت والحكومية تنتظر موافقة الأقلية" المنشور في عدد الخميس 4/2/2010 أصداء واسعة وتعليقات تجاوزت 700 تعليق مابين مؤيد ورافض. وأن كان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، فإن هذا التباين في الطرح يعد ظاهرة صحية في أي مجتمع شريطة أن يكون الاختلاف والتعبير عنه خاضع لمعايير الحوار الهادف البناء المنطقي. الأستاذ الدكتور فهد بن عبد الله الدليم رئيس قسم علم النفس بجامعة الملك سعود وأمين عام اتحاد التربية البدنية والرياضة يتناول هنا بالتحليل تعليقات القراء. ووصف الدليم هذا التعليقات بأنه شاب بعضها إن لم يكن اغلبها محاولة تسطيح القضية والتركيز على الممارسات الراهنة حتى وان كانت خاطئة كالقول بان البنين في مدارسهم لم يستفيدوا من دروس التربية البدنية والرياضة المدرسية ، فالغالبية بدناء ويعانون من أمراض السمنة وما إلى ذلك من أوصاف وتشبيهات ساخرة. ويعتقد بأن هذا التشخيص يعد محاولة يائسة هدفها الالتفاف على الموضوع وإلا فان الأمر يرتبط بما ينادي به المختصون في الشأن الصحي والرياضي وحتى الديني ، حيث المبدأ هو ممارسة الأنشطة البدنية والرياضية والترويحية لأن ذلك جزء من متطلبات الصحة البدنية والنفسية والذهنية والروحية للأفراد أما إطلاق الأحكام على أمر بأنه بدعة أو مشروع فاشل لمجرد انه لم يمارس أو لم يطبق بالصورة المأمولة وتعميم ذلك على الكثير من المواقف والتوجهات والأمور المستقبلية فهو أمر غير منطقي ، حتى وان كان شائعا مع الأسف في مجتمعنا) وزاد في تحليله لهذه الردود "لاحظت محاولة البعض في تعليقاتهم اللعب على وتر القيم الاجتماعية والثقافية ومحاولة زرع علامات الترهيب والتخويف ، وهي ظواهر واضحة في ثقافات المجتمعات التقليدية والمحافظة والتي تستخدم مثل هذه الأساليب كسياج واق لها في محاولاتها لمواجهة كل جديد او اي مبادرات للانفتاح على الخبرات الجديدة والتجارب المعاصره". ويرصد ملاحظاته مضيفا" القراء عمدوا الى استخدام اساليب السخرية والتهكم بالجنس الاخر في محاولة منهم لايصال رسائل غرضها التشويش على القضية واخراج الموضوع عن جوهره ." ومضى موضحاً ان استخدام المسألة الاخلاقية عند الحديث عن بعض القضايا الاجتماعية الحساسة له علاقة بما يسمى بالتابو الاجتماعي ومحاولة ترسيخ هذا الضابط الاخلاقي اذا جاز لنا التعبير . وقال ( حقيقة فنحن ومع كل ما نمر به من تحولات اجتماعيه لا نزال مجتمعا تقليديا محافظا والمعايير الاخلاقية توظف في سياقاته كجزء من الضوابط والاجراءات الوقائية للسيطرة على عملية التغيير والتحول في الانساق الثقافية ، وبالنسبة لوصف بعض الممارسات بالتراجع الديني فلا أرى أي علاقة مباشرة لها بالموضوع ، بل إنني أصلاً لا أرى أن هناك تراجعاً دينياً واعتقد ان ما يحدث هو في ظني أقرب إلى العودة إلى مزيد من الفهم والرؤية الواضحة للتعاليم الدينية وكيف أنها تتمتع بقابلية للتطبيق في كل زمان ومكان متى ما تدبرنا ما ورد في موروثنا الديني ومن هنا سنحقق الوسطية والاعتدال والمرونة في تعاملاتنا مع معطيات العصر ومتطلباته. ويؤكد أن المواقع الالكترونية فيها الكثير من الإيجابيات وكذلك بعض السلبيات ومن المؤكد أن البعض يجد فيها الفرصة سانحة للتعبير عن بعض المكبوتات، ولا ضير في ذلك إذا لم تتجاوز الحدود المعقولة من العرف والمنطق ، بل إنها قد تكون مطلباً للتنفيس والتفريغ ولوحظ في التعليقات تكتل بعض الفئات وتشابه المفردات المستخدمة وحول هذه المسألة قال أ.د. الدليم ( إذا كان هناك تكتل أو تنظيمات فهذا أمر يحسب لهذه الفئة التي استطاعت أن تنظم أنشطتها وتوجهاتها وتحاول الدفاع عنها أو ترسيخها ولعل هذا هو ما جعل البعض يطلق عليهم حكم الاقلية لأنهم بهذه الممارسات يجسدون قيم الاقليات والتي دائماً في حاجة إلى التنظيم والانتماء والتماسك حتى تستطيع مواجهة التيار السائد وعلى العموم متى ما كان هناك تفعيل لمؤسسات المجتمع المتمدن فإن تفتيت وإضعاف ثقافة الأقليات امر وارد بل حتمي .) وختم أ.د. فهد حديثه قائلاً ( أخيرا فإن ممارسة النشاط البدني مطلب تفرضه ظروف الحياة العصرية التي نعيشها ويمكن بشيء من التنظيم وحسن التدبيرأن يتمكن المركز من توفير خدمات وبيئات تمارس فيها مختلف الأنشطة البدنية والرياضية داخل المدارس نفسها سواء في الفترة الصباحية او بتحويل هذه المدارس الى اندية رياضية وترويحية مسائية حيث يتم الاستفادة منها في الفترة المسائية.