أحيانا تشعر بالإحباط إذ يكشف الإعلام أرقاما ومعلومات مهمة جدا دون أن يصبح ما كشفه قضية رأي عام، بيد أن قضية فردية أو هامشية تتحول إلى قضية رأي عام تتدخل فيها حتى وزيرة الخارجية الأمريكية. ففي رمضان كشف الإعلام عن آخر إحصائية للهيئة السعودية للتخصصات الصحية التي أكدت ارتفاع حالات التزوير ومعدلات الممنوعين من ممارسة المهن الطبية والصحية في مستشفيات ومراكز طبية بالقطاعين الحكومي والخاص، وهذا الكشف أو الفضح مر دون أن يخلق رأيا عاما لقضية تبدو لي أنها من أخطر القضايا. تقول الإحصائية: بلغ عدد حالات التزوير المرصودة في الفترة من أبريل 2011م وحتى مارس 2012م 1047 حالة تزوير تم ضبطها في القطاع الخاص، و 489 حالة تزوير في القطاع الحكومي. ما الذي تعنيه هذه الأرقام الصادرة من مؤسسة لا يمكن لها التزوير لأن لها صفة اعتبارية ويمكن للمستشفيات والمراكز الطبية في القطاعين الحكومي والخاص مطاردتها قانونيا ؟. إنها تعني أن جزءا كبيرا من أفراد المجتمع مهددة صحتهم وحياتهم، فأرقام وزارة الصحة تؤكد بأن هناك 46 ألف طبيب في المملكة، وهذا يعني أن الطبيب الواحد يخدم في المتوسط 520 شخصا من السكان، والممرض/ ة 100 شخص. بعبارة أوضح : إن كل شخص يدخل بشهادة طبيب مزورة أو هو ممنوع عن ممارسة المهنة بسبب أخطائه، تجعل حياة 520 شخصا مهددة. فكم عدد الأفراد المهددة حياتهم.. حين تخبرنا الهيئة السعودية للتخصصات أن المزورين والممنوعين وصلوا هذا العام إلى أكثر من 1500؟. فيما مضى كتبت أطالب بوضع قانون يغرم أي مستشفى خاص يحضر شخصا يحمل شهادة مزورة أو ممنوع من الممارسة مليون ريال تضاعف في حال تكرارها، وأن يتم إقالة أي مسؤول وافق على دخول هؤلاء للقطاع الحكومي وأن يحرم من حقوقه، لأن ما قام به جريمة. والكاتب مهما كانت قيمته لا يستطيع فعل شيء سوى الكتابة، فيما الرأي العام وحده يستطيع فرض مثل هذه العقوبات، ولكن وللأسف أغلب الرأي العام مشغول بالقضايا الفردية.