يا شيخُ.. استجمعتُ شيئاً من رِيقي فبلعتُهُ؛ هل أكونُ بذلكَ مُفطراً؟ فضيلةَ الشيخِ -هلْ تَسمَعُني- حينما أذّنَ المؤذنُ للفجرِ وبالدقةِ في تكبيرتهِ الثانيةِ شربتُ ماءً؛ أيَلزمُني إعادةُ ذلك اليوم؟ ممكِنْ أكلمُ الشيخ؟ لا بأسَ الشيخُ يسمعُكِ.. قالها المقدِّم. ثم سألتِ المرأةُ: نظّفْتُ ابنيَ الرضيع مِن الخارجِ من السبيلينِ قُبيلَ الغروبِ بربعِ ساعةٍ؛ فهل يكونُ صيامي صحيحاً؟! الله يجزاك خير يا شيخ.. أمي امرأةٌ كبيرةٌ وتصرُّ على أنْ تكحِلَ عينَها نهارَ رمضان..؛ هل هي بفعلِها هذا تكونُ في عِدادِ من أفطرَ فيلزمها قضاءُ الأيامِ التي اكتحَلتْ فيها، وهل عليها مِن كفارةٍ؟! وضعتُ-يا شيخ-بِضعَ قَطراتٍ في عينيَّ، ولمَّا أنْ صحوتُ ظهراً وجدتُ لريقي مَذاقاً مِن أثرِ القطرةِ؛ فهل علىَّ من إعادةِ ذلكَ اليوم أم أنَّ صياميَ صحيحٌ؟ شِفْ يا شيخ -آسف قصدي اسمع- أنا لا أطيقُ الصبرَ عن أكلِ الرزِّ، وفي العام الماضي كانَ سحوري كلّه رُزاً، وإنْ لمْ يَتيسّر :»بيشاور» أجعلهُ من :»المزة» ومثلك خابر يا شيخ أن البيشاور أخف –المهم مالك بالطويلة- سؤالي : أني قد اضطر للهندي»المزة» بديلا عن :»البيشاور» فأشعرُ ظهرا بشيء من تخمةٍ/ ثقل-يلبط على كبدي- فلا أرتاح بالمرة حتى أتقيأ بنفسي حصل مني ذلك في عشرة أيام فهل هذا-يا شيخ- يعد من الضرورة ولا قضاء علي أو للشيخ رأي آخر؟! تكفى الله يعافيك-قالتْهَا بصوتٍ يكسوهُ الحياءُ ثم تجاسرتْ وأكملت:مِن سنتين صمتُ رمضانَ كاملاً، ولأنّي كنتُ أخجلُ كثيراً(...) ما جعلني أصومُ الشهرَ كلَّهُ حتى في أيامِ الدورةِ الشهريةِ!؛ فما حكمُ صيامي يا شيخ؟! الله يحفظك يا شيخ ..اختلفتُ أنا وزملاء العملِ في أمرِ :»الغيبةِ» هل هي تفطّر في نهار رمضان أم لا؟! ثم تَتوالى الأسئلةُ على هذا النحو: الطيبُ والبخورُ هل هي مِن المفطرات؟!. هلْ لفرشاةِ الأسنانِ حكمُ السواكِ؟. ما حكمُ تقبيل الزوجةِ في نهارِ رمضان؟!. حككتُ أنفى فخرجَ دمٌ يسيرٌ فما حكمُ الشرعِ في فعلي هذا؟. استحممتُ صباحاً فشعرتُ بأنّ شفتيَّ قد ترطبتَا هل فسدَ صومي؟ لستُ هاهنا أُثَرّبُ على الناسِ سُؤالاتِهم ابتغاءَ صحةَ صومهِم، وإنما العتَبُ -ديانةً- على مَن فتَّقَ في الناسِ هذه الأسئلةِ وحَسْبُ؛ بحيثُ لا يُمْكِنُ لرمضان -من أيِّ عامٍ- أنْ يُغادرَنا دونَ أنْ نسمعَ هذهِ الأسئلةَ عبرَ وسائل الإعلام وبتنميطٍ باهتٍ جعلَ من الإنصاتِ للغالبِ من برامجِ الفتاوى فرصةً للتندرِ! وإنّما المُفتِي هو بالضرورةِ من يصنعُ أسئلةَ مُسْتَفتِيه! فيا أيها المُفتونَ متى نسمعُ مَن يسألُكُم عن: «التقوى» وصورِ اجتِلابِها من خلالِ فريضةِ: «الصوم»؟! ذلك أنّ اللهَ غنيٌّ عن أن نجوعَ أو أن نعطَشَ في حين نفتقرُ إلى: «تقواه» وبسببٍ من هذه الأخيرةِ شُرِعَ الصومُ.