اليوم تستضيف الرياض القادة الخليجيين لعقد اللقاء التشاوري الرابع عشر، لمناقشة قضايا مشتركة أهمها "الاتحاد الخليجي"، وبواقعية؛ نسأل صراحة: هل الخليج مُستهدف في أمنه واقتصاده؟! الإجابة: نعم، ففيه أغلى بقعة جغرافية، كونها تحتوي على أكبر نسبة احتياطي للبترول، كما أنها قلب العالم الذي يتواصل خلال منافذ دوله الشرق بالغرب عبر طرقها الجوية والبحرية والبرية، ووفق المتغيرات السياسية وطبيعة اختلاف الرؤى في المصالح الدولية بعد الربيع العربي؛ وفي ظل وجود جار لا يمل استفزازا لجيرانه وزعزعة أمنهم ولا يتوقف عن تطوير "مشروعه النووي الفارسي"، لأطماع سياسية تاريخية أيديولوجية، فإن اقتراح خادم الحرمين الشريفين "أبو متعب" بتحول دول الخليج من "التعاون" إلى "الاتحاد" انطلاقا من التطور المرحلي لتاريخ العلاقة الخليجية الوطيدة، بات ضروريا لمصلحة المجتمع الخليجي ككل، خاصة وأن أمامنا خمس سنوات عجاف تقريبا ستعيشها المجتمعات العربية الثائرة أثناء سيرها لبلورة ملامح مشاريع ديمقراطياتها التي تؤسسها الآن في ظل صراعات داخلية وتدخلات خارجية واضحة للجميع. ولكن، أي اتحاد نريد! إنه الذي يطمح إليه المواطن الخليجي وليس فقط النظم السياسية الخليجية، هذا ما نحتاج أن يكون أحد أهم الملفات المطروحة، فالمواطنون الخليجيون يحتاجون إلى تسهيل أمور حياتهم المعاشة العملية والتعليمية والثقافية، كأن تكون أولوية التوظيف لمن يدرس في الجامعات الخليجية مثلا، أمر آخر أكثر أهمية؛ وهو أن الاتحاد إن كان سيؤدي إلى تحول الأنظمة الخليجية السياسية إلى نسخة واحدة، فلن يكون ذلك في صالح المواطن الخليجي، فالتجربة السياسية في الكويت تختلف عن البحرين عن السعودية وعن قطر وهكذا، وهي متفاوتة وفق ما يفرضه النسيج الاجتماعي والتعداد السكاني والمساحة الجغرافية، وبالتالي لا يمكن أن يعيش المواطن في المنامة بقوانين الرياض، ولا المواطن في الدوحة بقوانين عمان أو في أبوظبي بقوانين الكويت ولن يكون الاتحاد بهذه الحالة في صالح المواطن الخليجي، لأن أحدهما سيتنازل عن خطوات تقدم فيها ليتأخر مع المتأخر الذي ينتظر الوقت لتطويرها، كقرار منح المرأة الإماراتية حق تجنيس أبنائها من زوج غير إماراتي يعتبر قرارا متقدما جدا وهو مطلب ملح وضروري لكل امرأة خليجية، والعدول عنه لصالح دول لم تتخذ هذا القرار لن يكون في صالح المواطنة الإماراتية أبدا، وهكذا يمكن القياس تباعا، وأمر آخر يتمثل في اليمن، لماذا يبقى خارج خارطة قوى الخليج؟! نعلم أن القاعدة تستوطن اليمن لتشكل خطرا بالمنطقة، واحتواء دول الخليج لليمن مقابل ما ستوفره من أرض خصبة للاستثمار وأيد عاملة وقوة عسكرية سيزيد أهمية الاتحاد الخليجي ويصب في مصالح متبادلة. أخيرا؛ "الاتحاد الخليجي" اقتراح سعودي بامتياز، رغم أن حاجة السعودية له أقل من دول الخليج، نتيجة كبر جغرافيتها وارتفاع تعداد سكانها وتنوع مواردها الاقتصادية، مع ذلك الاتحاد الخليجي من الضرورة لما سيشكله من قوة تدفع باستقرار أكبر في المنطقة.