حلم اتحاد خليجي يرتبط بجملة إنجازات على الأرض، وليس على الورق، والمهمة لا يمكن تبسيطها بحلول لا ترقى للخطط الآنية والمتوسطة والبعيدة، والعامل الاقتصادي أساسي، لنبدأ بالاتفاق على التعرفة الجمركية، وربط هذه الدول بمواصلات حديثة، سكك حديد وطرق برية وتنسيق بالطيران المدني، وربط كهربائي واتحاد بوسائل المواصلات ومشاريع مشتركة للمياه، وتوطين التقنية للاستفادة من الطاقة البديلة، وخطط بعيدة المدى لتأمين الغذاء والدواء، وتحالف بين الجامعات في البحوث وتبادل المعلومات والابتكارات وخاصة في النفط والصحراء والنخيل وزيادة درجة الحرارة، وكذلك في علوم البحار والفضاء والاتصالات، إلى آخر السلسلة الطويلة التي تكون القاعدة لبناء مجتمع واحد يتبادل المنافع والمصالح.. الاجتماع العادي لوزراء المالية والاقتصاد في دول المجلس، مشروع القطار الخليجي، والتسريع بربط المملكة ومملكة البحرين بقطار يجاور الجسر، والقضية حيوية واستراتيجية لأنه إذا تم هذا المشروع الكبير، ونفذ جسر يربط المملكة بمصر على البحر الأحمر، يعني ربط آسيا بأفريقيا بأول منفذ بين القارتين، ولعل الرؤى المستقبلية إذا ما تم العمل بها بجدية فإننا نصل إلى تكامل اقتصادي أوسع.. موضوع الأمن المشترك كأولوية ترافق الوحدة الاقتصادية، لأن التنمية لا تستقر وتنجح إلاّ بشروط وجود أمني كبير يحمي الممتلكات والمكتسبات الوطنية، وهذه الدول مجال طمع من قوى مختلفة إقليمية وحتى عربية، عندما رأينا كيف احتل جيش صدام حسين الكويت، وهذه التجربة وحدها، يجب أن لا تغيب عن البال، لأن السلام لا تصنعه العواطف والاتفاقات الدبلوماسية القابلة للنقض في أي وقت والتعدي العسكري بأي ظرف أو مغامرة تختارها دولة ما والمرحلة الراهنة فرصة كبيرة، ان يلتقي الاقتصاديون والعسكريون ورجال الأمن، والمخططون الاستراتيجيون لوضع خطط عمل ترسم مستقبل الأمن وفق الاحتياجات الضرورية الراهنة، والبعيدة المدى.. القضية ليست خيارا يوضع بيننا كشعار سياسي نصفق له ثم نتكلم عن اتحاد لم يستوف الشروط، ليبقى مجرد رؤية مصلحين ومجتهدين، لموانع تضعها المخاوف والشكوك، والحقيقة التي لا ستار عليها، أننا نواجه مواقف لا يجوز الاغفال عنها طالما ندرك أننا بالقارب الواحد، والقابل للغرق في أي وقت ما لم نضع بحسابنا إنشاء كيان متكامل اقتصادياً وأمنياً.. صحيح أنه توجد فوارق جغرافية بالمساحات والسكان، لكن الطبيعة الجغرافية لنشوء اتحاد خليجي لا تعرفه مثل هذه الفوارق، ولو نجحنا في مشروعنا الطويل، فإننا نقدم تجربة جديدة للأمة العربية كلها والتي لديها ذات الأبعاد في رسم خرائط مماثلة، لبلاد الشام والعراق والدول المطلة على النيل وكذلك دول المغرب العربي، ثم تهيئة اليمن لدخول هذا الاتحاد وفق خطط تعد من الآن.. الحلم قد يتطور إلى عمل، ودول الخليج تملك الإمكانات والفرص، فهل تستغلهما بمثل هذا العمل الكبير؟!