مساء الاثنين الماضي كنا ننتظر بشغف برنامج الثامنة للأستاذ داود الشريان لسبب وحيد ومهم هو أن سفيرنا في مصر الأستاذ أحمد قطان سوف يكون ضيف البرنامج في أول ظهور إعلامي له بعد عودته إلى السعودية، كنا ننتظر منه معلومات مهمة وتوضيحا لبعض الأمور الملتبسة، وما أحسبه وافق على الظهور في البرنامج إلا لأنه سيقول شيئا جديدا ومفيدا، لكنه قرر الانسحاب من البرنامج بعد دقائق قليلة من بدايته. أستطيع الجزم بأنه انسحب من الحلقة احتجاجا على سياقها ولم يغادر لارتباطه بشأن آخر كما حاول داود أن يبرر.. كنا نتوقع أن تكون المقابلة مع السفير فقط لأن الأمر يستدعي أن تخصص الحلقة كاملة له، ولأن ما سيقوله أي ضيف آخر لن يضيف جديدا إلى ما نعرفه. السفير وحده هو الذي كان في عين العاصفة، وهو الذي عايش أدق التفاصيل التي كنا نأمل سماع بعضها على الأقل، وحتى لو رأى داود إشراك ضيوف آخرين فإن أهمية القضية كانت تستوجب استراتيجية واضحة وهادئة ومتزنة لتسيير الحوار، لكن منذ اللحظة الأولى اتضح أن السفير في اتجاه والآخرين في اتجاه مغاير، هو جاء ليوضح الأمور، لكنه بعد أن أبدى اعتراضه على أسلوب الطرح الذي انتهجه المشاركون ثم رأى أنهم مستمرون فيه قرر الانسحاب لأنه لن يستطيع قول ما جاء من أجله، ولأن موقعه الديبلوماسي لا يسمح له بالاستمرار في نقاش كيفما اتفق.. داود كان منفعلا منذ إطلالته بشكل لا ضرورة له. نعم كلنا مستاؤون مما حدث لكنه كإعلامي في حوار مهم يجب عليه حساب كل كلماته وتصرفاته بدقة. النكتة الساخرة عن المصريين التي بدأ بها الحلقة لم تكن مناسبة أبدا لموقف كهذا وقضية كهذه، أما وضع علم المملكة على كتفيه فإنه تعبير جميل عن الاعتزاز بعلمنا، لكن كان الأجمل لو وضع معه علم مصر، رمز مصر الأرض والتأريخ والحضارة والمصريين الشرفاء الكبار وليس القلة من الحمقى والمأزومين والمغرر بهم. لو فعل ذلك لكانت الرسالة أبلغ من أي كلمات عن مشاعر الشعب السعودي تجاه مصر وشعبها، وترفعه عن الإساءة رغم كل ما واجهه.. كذلك، كان على داود الانتباه الشديد من خطأ التعميم الذي وقع فيه غير مرة لأننا إذا كنا نعرف أنه لا يقصده فإن بعض المتابعين المتربصين من الإعلاميين في مصر الذين يتصيدون أي زلة عفوية سوف يوظفونها لتخدم أجندتهم.. كما أنني لا أتفق مع مطالبته لبعض الصحف السعودية بطرد بعض الصحفيين المصريين الذين يكتبون فيها لأنهم اشتركوا بشكل أو بآخر في الأزمة، ولا بالمن على من كانوا يعملون في صحافتنا، لأن الأسلوب الاستعدائي، مهما كانت المبررات، لا يتفق مع شيمنا وأخلاقنا، شعبا وحكومة.. كان بإمكان الحلقة أن تكون في غاية الفائدة لتوضيح ضبابية بعض الأمور بوجود السفير، لكن الخشية أن تحسب علينا لا لنا بعد أن ظهرت بذلك الشكل.