مرت العلاقات السعودية/ المصرية، بمراحل شد وجذب، كان أبرز مراحل التوتر فيها، إبان الحقبة الناصرية، لأسباب كثيرة، منها حرص مصر عبدالناصر على إنهاء الملكيات العربية، واستخدام خطاب في وسائل الإعلام المصرية، يصف المنهج السياسي السعودي، بأنه منهج رجعي، لأنه نهج ملكي. انتهت الفترة الناصرية، وخف صعود التأزيم قبيل وفاة عبدالناصر، وفي أثناء حياة الملك فيصل، رحمهما الله، وعادت الأمور لسابق ما كانت عليه من دفء، معززة أخوة الشعبين، ومحبتهما لبعضهما. تأزمت العلاقات مجددا بعد إعلان السادات زيارة إسرائيل، فتوقيعه معاهدة كامب ديفيد، ثم عادت العلاقات لسابق عهدها، بعودة مصر إلى أحضان العرب مجددا. منذ اندلاع الثورة، وكثير من إخواننا الثوار، يصرون على توجيه شتائم للسعودية، وحكامها، ونظامها، بمناسبة، وبدون مناسبة. كان الهدوء من الجانب السعودي، بشقيه الرسمي، والشعبي، يُفسر في أحيان كثيرة، بأنه نابع من ضعف في الموقف. وهو تفسير خاطئ، فأبناء الصحراء، كما يحلو لبعض إخواننا المصريين، أن يتهكموا علينا، يصبرون، لا من ضعف، بل من حكمة، لأنهم يعرفون أن الهياج الذي يمكن أن يتلبسه أي أحد في أي موقف، ليس من العقل في شيء، وبدا أن مصر، حفظها الله، كلها، كانت هائجة منذ ما قبل الثورة، ولا تزال. اتهمت السعودية تارة، بأنها تؤيد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، وتارة بأنها تؤيد الفلول، وثالثة بأنها تؤيد السلفيين، وأصبحت السعودية، شماعة لتعليق كل خلل في مصر، ولولا بقية خجل، لربما اتهمت بأنها سبب حملة نابليون على مصر! نحن السعوديين، لسنا شوفينيين، لنمنع الآخرين من الحديث في شأننا، فبلادنا مهمة، جيوسياسيا، واقتصاديا، ودينيا، إلا أننا لن نسمح بأن نكون شماعة يعلق عليها المختلفون من إخواننا المصريين، كل عيب يرونه في بلادهم. المحامي المصري الموقوف في السعودية بسبب تهريب 21 ألف قرص مخدر، بشهادة القنصل المصري، في برنامج الزميل معتز الدمرداش، أقر بالحادثة، لكنه قال إن أحدا أعطاه إياها ليسلمها لشخص ثالث في السعودية! ومع أن هذا العذر غير مقبول من رجل أمي لا يحسن من أمور الحياة المعاصرة شيئا، فإنه في حق من يعرف الضوابط القانونية لحمل هذه الكمية من الأقراص، بشكل شخصي، أشد رفضا، وهو ما يجعل إمكانية تصديق الرواية متعذرة. ومع ذلك، فنحن نقول، إن الحكم على القضايا المعروضة على الإجراءات القضائية، مبكر. أيها الإخوة المصريون، نحن نقدر وشائج القربى، وعرى الصلة، لكننا لن نسمح لأحد أن "يفش" غله من وطنه في وطننا، ورموزنا، وممثلياتنا في الخارج، فهذا تصرف الرعاع، ومنطق الغوغاء، ليس مقبولا في أعراف الدول المتحضرة. هذا مع الأخذ بالاعتبار، أنكم كنتم تعيروننا بالتخلف لصالح تحضركم! فأين هي الحضارة يا أبناء الفراعنة، من الاعتداء على السفارات ومحاولات اقتحامها، وإهانتها بالكتابات المسيئة والعبارات السوقية!