يروى عن الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله انه قال « حدثني رجل كبير القدر صادق اللهجه قال: كنت في لندن ، فرأيت صفا طويلا من الناس - يمشي الواحد منهم على عقب الآخر - ممتداً من وسط الشارع إلى آخره فسألت فقالوا أن هنا مركز توزيع الإعاشة و أن الناس يمشون اليه صفا كلما جاء واحد اخذ آخر الصف فلا يكون تزاحم ولا تدافع ولا يتقدم احد دوره ولو كان الوزير ولو كان أمامه الكناس، وتلك عادتهم في كل مكان. قال: ونظرت فرأيت في الصف كلباً في فمه سله وهو يمشي مع الناس كلما خطوا خطوة خطا خطوة لايحاول أن يتعدى دوره أو يسبق من أمامه ولا يسعى من وراءه ليسبقه ولا يجد غضاضة أن يمشي وراء كلب مادام قد سبقه الكلب. فقلت : ما هذا؟ قالوا: كلبٌ يرسله صاحبه بهذه السلة وفيها الثمن والبطاقة فيأتيه بنصيبه من الإعاشة. يقول الشيخ: لما سمعت هذه القصة خجلت من نفسي أن يكون الكلب قد دخل النظام وتعلم آداب المجتمع ونحن لانزال نبصر أناساً في أكمل هيئه وأفخم زي تراهم فتحسبهم من الأكابر يزاحمونك ليصعدوا القطار قبلك بعدما وضعت رجلك على درجته أو يمدون ايديهم من فوق رأسك إلى الشباك و أنت جئت قبلهم وأنت صاحب الدور دونهم أو يقفزون ليدخلوا قبلك على الطبيب وأنت تنظر متالماً لساعتين وهم إنما وثبوا من الباب الى المحراب..» انتهى قول الشيخ عليه شآبيب الرحمة والرضوان ومادام الشيىء بالشيئ يذكر فسوف استعرض لكم ثلاثة مقالات - ذات علاقة باحترام النظام وان لا أحد فوق النظام – هذه المقالات نشرت في جريدة «ذا ميل اون ساندي» البريطانية الصادرة 25 مارس 2012. المقال الاول يقول : ونحن لانزال نبصر أناساً في أكمل هيئه وأفخم زي تراهم فتحسبهم من الأكابر يزاحمونك ليصعدوا القطار قبلك بعدما وضعت رجلك على درجته أو يمدون ايديهم من فوق رأسك إلى الشباك و أنت جئت قبلهم وأنت صاحب الدور دونهم أو يقفزون ليدخلوا قبلك على الطبيب وأنت تنظر متالماً لساعتين وهم إنما وثبوا من الباب الى المحراب«لا احد فوق النظام» فلقد جاء في الخبر ان المجلس البلدي المحلي للمنطقة التي يقطن فيه والدي «كيت ميدلتون» الملكة المستقبلية لبريطانيا قد رفض طلباً للعائلة لتوسعة منزل العائلة الريفي في قرية بكلبري بمنطقة بركشاير بحجة ان المنطقة من المناطق الطبيعية الخلابة الجمال وان التوسعة قد تغير من طبيعة المنطقة بالرغم من ان التوسعة ستكون مكان مرآب السيارات القائم ، المجلس البلدي يقول ان النظام يجب ان يُتبع ولا إستثناءات مادام تم رفض طلبات مشابهة في الماضي. المقال الثاني يقول : «مستر سبيكر» او المتكلم وحافظ النظام في مجلس العموم البريطاني يبيع شقته التي اشتراها مخفضة ودفع جزءاً من ثمنها دافعوا الضرائب البريطانيين ، فالسيد جون بيركوو استطاع ان يجني ربحاً تجاوز الستمائة الف جنية استرليني من بيع الشقة ، لكن وبالرغم من نظامية شرائة للشقة وتسديدة للضرائب التي تصل الى 28% من الربح الا ان المتحدثة باسم دافعي الضرائب تقول وتنادي بتغيير الانظمة فلو كان النظام يمنع البيع لما استطاع بيركوو او غيره من تجاوز النظام. المقال الثالث يقول : اللورد باتن الوزير السابق وآخر حاكم بريطاني لهونج كونج ورئيس البي بي سي التي التي يعمل فيها اكثر من عشرون الف موظف حول العالم يبحث عن مدير جديد للبي بي سي يكون من خارج المنظمة لكن اللورد باتن لم يرشح واحداً من جماعته او من ديرته بل اتبع النظام الذي يجيز له التعاقد مع شركة بمبلغ مائة الف جنية استرليني لتتولى هذه المهمة من كتابة وصف الوظيفة واصطياد المرشح الافضل وما يصاحبه من اكمال لإجراءات التوظيف وانا متأكد ان اللورد باتن يرى ان هذا المبلغ لا يُمثل شيئا اذا تم اختيار الكفء حيث سيوفر الملايين من الجنيهات على البي بي سي بعكس اذا ما تم إختيار من هب ودب لهذا المنصب الحساس. تلك بريطانيا والمقارنة معها متعبة لكن الحديث عن النظام في بلدنا يطول بل تصاب بالاسى والحزن لما ترى من تجاوز للأنظمة والقوانين والامثلة كثيرة بل تعجز ان تحصيها سواء على المستوى الشخصي او على مستوى المنظمات بل أصبح معروفاً لدينا اننا مخالفون للنظام في بلدنا و ملتزمون بالنظام خارج البلاد فلا عجب ان رأينا صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة يأخذ بزمام المبادرة ويعلن عن تأسيس كرسي « احترام النظام» في جامعة الطائف لعل في ذلك فاتحة خير لبناء ثقافة احترام النظام في بلادنا.