إن الاهتمام بمهنة المحاماة يشكل الطريق السريع إلى تطوير وتحسين منظومة العمل القضائي، ليس لأن المحامي طرف في النظام القضائي فحسب، بل للفوائد التي تفرضها هذه المهنة على واقع العمل القضائي من خلال مسارات عدة مما سوف يسهم في تحسين نوعية الأحكام القضائية، لذا يمكن القول إن القاضي والمحامي لا غنى لأحدهما عن الآخر، لكن لابد من التأكيد على أن استقلالية كل منهما ضمانة وركيزة في سبيل تحقيق هذه العدالة المنشودة، فالمحاماة تحتاج فقط إلى حسن الظن بها كمهنة، وكذلك الثقة بمن ينتمي إليها باعتبارهم شركاء في تعزيز ما يقوم به القضاء من عمل أثناء إدارته للعدالة والبحث عن حقيقتها، والأهم من ذلك التطبيق الكلي لمفردات القانون الذي ينظم ويحكم هذه المهنة.فإذا كان القاضي يعد هو الفيصل في معالجة موضوع القضاء، فإن المحامي يلعب دوراً محورياً في أداء القاضي من خلال رسم مسارات هذه المعالجة، وبالتالي تكمن أهمية تلبية حاجة المحامين للارتقاء بتنظيم مهنتهم، ووسيلة ذلك إيجاد كيان ذاتي يدير شؤونهم، ويؤكد استقلاليتهم، ويرسخ هويتهم الوطنية، ويؤصل مساهمتهم ومسؤوليتهم الاجتماعية، ويبرز أخلاقيات وسلوكيات مهنتهم، ويرتقي بأوضاعهم المهنية، ويتولى الدفاع عنهم وعن مهنتهم، ويحاسب المخلين منهم، ويؤطر معايير وقواعد الانتساب إليهم.إن تغييب دور المحاماة كمهنة لم يعد مقبولاً، فالمحامون لهم دور إنساني ومهني، وهم في الأخير أبناء لهذا الوطن المعطاء، حريصون كل الحرص على كيانه ويمسهم ما يمسه، ومن ثم يتوقع منهم المساهمة في نهضته التشريعية والقضائية انطلاقا من شرف الرسالة التي هدفها تكريس ثقافة الحقوق والواجبات وتحقيق العدالة والمساواة، وغايتها سيادة القانون المبني على مبادئ الشريعة الإسلامية السمحة كإطار أسمى وقوانين متوائمة معها، وأيضا المشاركة في رسم المسار المؤسساتي للنهضة التنموية التي يعيشها وطننا الغالي في هذا العهد الميمون.