عادة ما تكون مستجدات الأحداث الراهنة في العالم والمنطقة التي يعيش فيها الكاتب السياسي هي ما يُمده بالأفكار والموضوعات التي يكتبها، وهي ما يستثير انتباه القراء له، ويجذب اهتمامهم بما يكتب، وإلى ما قبل البث الفضائي كان الناس يلتمسون المعرفة بأحداث الساعة عبر الإضاءات التي ينيرها الكتاب السياسيون من خلال ما يكتبونه في الصحف اليومية والمجلات الأسبوعية، رغم أن ما ينشر في الصحافة اليومية ليس بالضرورة أن يكون من تمخضات اليوم التالي للحدث أو الواقعة السياسية ولكنه في أسرع الأحوال نتاج يومين أو ثلاثة أيام خلت، فيما يتأخر ما تنشره المجلات لأسبوع أو أسبوعين أحيانا، ومع ذلك كان الناس يتلقونه بشغف لمعرفة خبايا الزوايا وما وراء الأكمة التي يكتنفها غموض الحدث السياسي، كان ذلك قديما أما الآن وبعد التحليل اللحظي لتداعيات الحدث السياسي فما عسى الكاتب السياسي أن يقول إلا معادا أو معارا من أقوال غيره مكررا ؟! الكاتب السياسي هو من يستقرئ الواقع ويستشرف المستقبل، ويقول لقرائه ما يفترض وقوعه وفقا لمعطيات الحدث، بلا تكهن أو ضرب ودع، ولن يكون ذلك الحكواتي الذي يقتات على التاريخ من خلال كان وكانوا، في السياسة حكواتية كثير وكتّاب أقل، والحكواتية يذهبون ولا بواكي لهم ولكن الكتاب باقون لئن اختفوا في وسائل فلن نعدم إطلالتهم في وسائل أخرى . آلية العمل بالقنوات الإخبارية تفرض عليها استطلاع آراء المحللين السياسيين بعد وقوع الحدث مباشرة، وأحيانا بالتزامن مع الحدث كما في القنوات العالمية ومثلما نرى في قناتي الجزيرة والعربية، والمتابع الجيد لتجلِّيات ما يقوله المحللون يجد ما يكتبه الكتاب السياسيون بعد ذلك بأيام باهتا وبائتا في الغالب، لذا لا أشك للحظة أن الكاتب السياسي قد انقرض في المجلات الأسبوعية، ويلفظ أنفاسه الأخيرة في الصحف اليومية ! مجلات الهشك بشك بما فيها أخبار الفنانين والممثلين والمغنين فقدت بريقها وجماهيرها، وانطفأت بعد توهج، وبعضها نعت نفسها لقرائها وتوقفت، رغم كثرة المشهيات من فتاة الغلاف إلى أخبار الإثارة والفرقعات الصحفية، إلى الأزياء والوجبات وغيرها، فكيف بالمجلات السياسية العسرة الهضم التي لا يتابعها إلا القلّة والنخبة عادة ؟! الكاتب السياسي هو من يستقرئ الواقع ويستشرف المستقبل، ويقول لقرائه ما يفترض وقوعه وفقا لمعطيات الحدث، بلا تكهن أو ضرب ودع، ولن يكون ذلك الحكواتي الذي يقتات على التاريخ من خلال كان وكانوا، في السياسة حكواتية كثير وكتّاب أقل، والحكواتية يذهبون ولا بواكي لهم ولكن الكتاب باقون لئن اختفوا في وسائل فلن نعدم إطلالتهم في وسائل أخرى .