عبد الله باجبير - الاقتصادية السعودية عندما أنشِئت.. الحسبة .. في صدر الإسلام لم يكن هناك "محال" تجارية ولا مطاعم ولا مقاهٍ ... إلخ، بل كان عملها الأساسي هو مراقبة المكاييل والموازين، والغش في ذلك الوقت يتمثل في خلط الحليب بالماء، والعسل بمواد أخرى، إلى آخر ما كان يعتبر غشا تجاريا في ذلك الزمان، وهو لا يقاس بالغش التجاري اليوم الذي يقود إلى الموت فعلا وليس مجازا، والأدوية المغشوشة تؤدي إلى الموت، قطع غيار السيارات المغشوشة مثل الفرامل تؤدي إلى الموت، لعب الأطفال، الأجهزة الكهربائية ... إلخ، ثم نفاجأ برد المتحدث الرسمي باسم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما جاء في صحيفة "الشرق" في 28/3/2012 بقوله: "الأمر بالمعروف لا علاقة لنا بمكافحة الغش التجاري وننوء بمهام عملنا"، وذلك ردا على طلب جمعية حماية المستهلك من هيئة الأمر بالمعروف التعاون معها في مراقبة الأسعار ومكافحة الغش التجاري.. أليس غش الإنسان إنسانا آخر منكرا كبيرا وإثما عظيما؟ .. يا سبحان الله .. أين من غشنا فليس منا.. هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتدخل في كل مجالات الأنشطة التجارية والثقافية والشبابية والعائلية وعندما جاء الدور على مكافحة الغش التجاري .. يقول المتحدث الرسمي باسم الهيئة "لا علاقة لنا بمكافحة الغش التجاري"، ويضيف بقوله: "الدولة وزعت التخصصات بين الجهات الحكومية ولا يمكن لجهة أن تتعدى على تخصص جهة أخرى، وهذا صحيح، ولكن بما أن عمل هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معظم الوقت في الأسواق والغش التجاري يتم في الأسواق، فليس هناك أي أعباء إضافية على أعمالهم .. حيث إن الأسواق هي شغلهم الشاغل، وبالأصح ملعبهم المفضل، حيث يتواجد الشباب من الجنسين، ومنكر الغش التجاري يطول شره المجتمع كله، وخطره أكثر من متابعة الشباب في الأسواق .. ونحن نطلب من أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتواجدين في الأسواق إضافة منكر الغش التجاري إلى نشاطهم، والذي هو في رأيي من صميم عمل "الحسبة" بل أكثر أهمية من متابعة سلوكيات الأفراد .. حيث إن جرائم الغش التجاري تؤدي إلى الموت .. ورجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قادرون بإذن الله تعالى على محاربة جرائم الغش التجاري المتفشية هذه الأيام .. وختاما أتوجه إلى الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ بالنظر في إضافة مكافحة الغش التجاري إلى أعمال الفرق الميدانية المتواجدة أصلا في الأسواق، ذلك أنه شيء غريب، بل بالغ الغرابة أن يترك رجال "الحسبة" الغشاشين وهم تحت أبصارهم في الأسواق .. فالغشاش يغشنا بل يقتلنا، وأهلنا في هيئة الأمر بالمعروف لن يبخلوا علينا بمعروفهم في محاربة هذه الظاهرة الإجرامية التي تفشت أخيرا في كثير من مجالات الأنشطة التجارية والتي في رأيي ما لها إلا رجال الحسبة.. وفقكم الله في محاربة هذا المنكر المتفق عليه .. وسدد خطاكم للقضاء على هذه الآفة التي يعاني منها الوطن.