لا أعرف الكثير عما يدور في جامعة الملك خالد في أبها ولا عن أوجه النقص في الخدمات فيها أو عن شئونها وشجونها الأكاديمية والإدارية، إلا أنني تابعت ما كتب عن احتجاجات الطلبة والطالبات في الجامعة وشاهدت بعض الأشرطة التي صورت جانباً من الأحداث ولقاء وكيل الإمارة ثم سمو أمير المنطقة مع الطلاب وخرجت ببعض الملاحظات، أولاها أن الطلبة كانوا يطالبون بالاحترام بديلاً عن التجاهل وبالتواصل بعيداً عن القطيعة وبالثقة بعيداً عن التشكيك.. ولذلك فلقد حلت معظم جوانب القضية عندما عبر أمير المنطقة عن احترامه للطلاب وثقته فيهم وفتح قناة للتواصل معهم عبر وكيل الإمارة أولاً ثم بالحوار المباشر.. وهنا أتساءل ألم يكن بمقدور إدارة الجامعة أن تتخذ مثل هذه المبادرة وتوجد قنوات للتواصل بحيث لا يحتاج الطلبة إلى التعبير عن مشاعرهم ومطالبهم بأساليب أخرى؟ لقد آن الأوان لجامعة الملك خالد ولكل الجامعات أن تدرك أنها تتعامل مع شباب واعٍ متفاعل مع أحداث وطنه وأمته وحريص على إيصال صوته في جميع القضايا، وأن الجامعات التي تبادر إلى خنق وسائل التعبير لديهم تدفعهم دفعاً إلى أساليب يمكن أن يستغلها الحاقدون والمتربصون لإيجاد الوقيعة بين الشباب والمجتمع. لقد حرص أمير المنطقة على أن يلتقي مع الطلبة أنفسهم.. وشاهدنا في لقاء وكيل الإمارة بالطلبة ممارسة ديمقراطية عفوية حيث اختاروا مجموعة تمثلهم ورئيساً بادر فوراً إلى الإعلان عن رقم هاتفه الجوال لتشجيع التواصل مع زملائه بما يحمله ذلك من معاني الشفافية والمرجعية والخضوع لسلطة الهيئة الطلابية التي اختارته.. وهنا أتساءل لماذا لا يكون للطلبة في كل الجامعات مجموعة تتولى التعبير عنهم تجاه الإدارة بحيث لا نحتاج إلى اللجوء إلى هذا الأسلوب في أوقات الطوارئ فقط؟ الملاحظة الثانية تتعلق بمدى التغيير الفكري والمنهجي الذي استطاع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز أن يدخله في أذهان المواطنين والمسئولين، فلقد افتتح وكيل الإمارة حديثه للطلاب بالإشارة إلى أننا أبناء وطن دعا قائده إلى الحوار واعتبره قاعدة أساسية في التعامل بين فئات الشعب وفي التعامل بين المواطن والمسئول، وهذه لغة جديدة في الخطاب يحق لنا أن نحتفل بها وأن تحتفي بمن أدخلها إلى حياتنا اليومية قبل أن تصبح مطلباً شعبياً لدى أبناء مختلف الدول في المنطقة. تبقى بعض الملاحظات البسيطة حول لقاء وكيل الإمارة بالطلاب حيث كان الجميع يستخدمون مكبراً للصوت أطلق عليه أحد الطلاب صفة «مكرفون الحراج» وقد كان الأولى أن يكون المسرح الطلابي الذي احتضن اللقاء مزوداً بالتجهيزات الصوتية اللازمة.. ثم إن وكيل الإمارة كان محفوفاً في المسرح بثلة من المرافقين ولقد كان وجودهم البارز في الصورة مستفزاً ولا يتلاءم مع لغة الحوار الهادئة التي نجح بموجبها الوكيل في احتضان الطلبة وامتصاص غضبهم.. أخيراً فلقد قام وكيل الإمارة بمقاطعة أحد الطلبة عندما لم يرُقْ له ما قاله الطالب وهنا أقول لسعادة وكيل الإمارة: إن سياسة الحوار والانفتاح التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين والتزم بها أمير المنطقة وعبرت عنها بحضورك وحديثك مع الطلاب لها ثمن وهو أن تكون مستعداً لأن تستمع الى ما يعجبك وما لا يعجبك وأن تكون سعة الصدر التي يتحلى بها ولاة الأمر نبراساً وقدوة للمسؤولين والمواطنين على حد سواء .