هذه الكلمات كانت شرحًا لدوافع اهتمامنا بالبحرين، وخاصّة الأحداث التي عاشتها وتعيشها كمقدّمة لكتابنا الجديد، الذي يحمل عنوان المقالة في إصدار لمعرض هذا العام للكتاب الدوليّ بالرياض، والحقيقة أنّها أكثر من إجابة وأكثر من رابط، لكنّ اليقين القائم على الأرض هو أنّ الأوضاع على الأرض لا توال في مدار متأزّم منذ فبراير 2011 حتى فبراير المنصرم، ولذلك كان للكتاب خصوصيّته المستمرّة ليس للبحرين فقط، التي كانت ولا تزال في قلوبنا وعيوننا، لكن للشّعب العربيّ في الخليج وحيثما كان. ومن يُصدّق أنّ تلك الجزيرة الوادعة الجميلة التي تتوسّط الخليج العربيّ (البحرين) ستكون شعلة في الحديث عن أهمّ الصّراعات الإستراتيجيّة في المنطقة، ربّما لم يكن أحد يقرأ ذلك، أو يتوقّعه قبل انطلاق أحداث الرّابع عشر من فبراير 2011 بقيادة المعارض حسن مشيمع، فقد أضحت فيها البحرين واستقرارها السياسيّ والوطنيّ واهتزاز الثّقة في قواعد التّعايش والسّلم الأهليّ المعروف عمقه لدى الطّائفتين قديمًا، وحركة المثقفين العرب المنتمية إليهما- محلّ اهتمام وقلق بالغ وجدل في المنطقة العربيّة من المحيط إلى الخليج. ولذلك حرصت على إصدار الكتاب لكونه يُغطّي ذلك البعد الآخر قبل الثّورة وحركة الحياة السّياسيّة في البحرين، وجانبًا مهمًّا من جذور الأزمة، وهو ما لم يتسنّ للكثير الاطّلاع عليه قبل اتّخاذ موقف من السّؤال الكبير..هل ثورة مشيمع بناء ديموقراطيّ بديل أم مشروع طائفيّ؟ وإضافة بأنّ الكتاب يتضمّن الدّراسات التي تناولت حركة فبراير؛ فقد حرصت أن تنشر تلك الموادّ الأخرى التي رصدتُ فيها خلال سبع سنوات من الكتابة اليوميّة لصحيفة (الوطن) البحرينيّة تلك العلاقات الاجتماعيّة والمواقف الدينيّة والسّياسيّة، ومهمّتها هنا أن توسّع مدارات القارئ عن البعد الإنسانيّ والاجتماعيّ للبحرين، وفضلاً عن أنّ هناك مسؤوليّة أخلاقيّة ووطنيّة وعربيّة يتحمّلها كاتب هذه السّطور، كون أنّ موقعه واهتمامه جعله من ذوي الاطّلاع الواسع على هذا الملفّ، وبالتّالي عليه توضيح رؤيته للرّأي العام العربيّ من المحيط إلى الخليج. وهناك عناصر أُخرى هي أيضًا من الدّوافع المهمّة لنشر هذا الكتاب، وهي أنّني في الأصل اتّحد مع مواطني هذه الدّولة في مفهوم حاسم في تاريخنا وجغرافيّتنا العربيّة؛ فالأحساء وأوال هما الضفتان لمسمّى التّاريخ العربيّ للبحرين، وهو بعدٌ وحدويٌّ مشروع يتجاوز فيه إقليم الخليج بلغة التّاريخ والوحدة الاجتماعيّة الحقيقة حدود سايكس بيكو والنّظام السّياسيّ، وهي قضيّة جعلتها أوروبا أساسًا لثقافة وحدتها وتطوّرها السّياسيّ، فيما يجدها البعض مُحرّمة على البحرين، ويرى أنّ العلاقة واحدة بين إيران وعرب الخليج!! مما يجعل مسئوليّتنا للمحافظة على البحرين كجسم عربيّ بسنّته وشيعته، وحتى بإخواننا العجم المنصهرين وطنيًّا ضمن إطار موضوعيّ إنسانيّ يجعل إرادة الحريّة السّياسيّة والحقوق الديموقراطيّة والإصلاح الحقيقيّ الذي يبصره المواطن على الأرض، تجسيدًا للمشاركة الشعبيّة هو مشروع وطنيّ لا غطاء لحلقة طائفيّة مظلمة هذا ما قصدته من رسالة لهذا الكتاب، وللقارئ العزيز القرار.