منذ زمن وحتى يومنا هذا : لا يكاد يمر أسبوع أو شهر بالكثير، حتى نسمع عن حادثة جديدة يتم نسبها لرجال الهيئة، نذكر منها حادثة مصرع شاب وفتاة احتراقا إثر اصطدام سيارتهما بشاحنة أثناء مطاردة دورية الهيئة لهما. ونذكر منها أيضا حادثة وفاة المواطن الخمسيني الذي تم اقتياده وتوقيفه في مركز الهيئة بتهمة الاشتباه بخلوة محرمة، ولن ننسى طبعا حادثة تلك المرأة التي ادعت بأنهم استوقفوها ومزقوا عباءتها قبل أن يراضوها بمبلغ مالي ونعناع من بين الهدايا، وأخيرا وليس آخرا، حادثة تجمهر عدد كبير من المحتسبين أمام البوابة الجنوبية لقرية (الجنادرية 27 ) !! نسمع بمثل هذه النوعية من الحوادث المؤسفة، وفي كل مرة ينقسم المجتمع أمامها إلى ثلاث شرائح. الشريحة الأولى: ترى في مراقبة الهيئة لمثل هذه الأماكن العامة ضرورة ملحة وغاية سامية ونبيلة تنبع من تعاليم الشريعة الغراء.. أما الشريحة الثانية: فهي تنظر إلى هذا الأمر بشيء من الاعتدال حيث إنها لا ترى مانعا من وجود الهيئة بشرط أن تقتصر مهامها على إرشاد الناس بالمعروف.. أما الشريحة الثالثة: فإنها ترى في عمل رجال الهيئة تعديا فاضحا على حرمة الناس وفعلا يغلفه الفضول. منذ زمن وحتى يومنا هذا: وهناك نظام واضح وصريح اسمه (نظام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، فحادثة مصرع الشاب والفتاة يقابلها في النظام (مهمة تتبع الجناة المشتبه فيهم والقبض عليهم). وحادثة وفاة المواطن الخمسيني يقابلها في النظام (مهمة تفتيش الجناة والتحقيق معهم واحتجازهم مؤقتا إن لزم الأمر). أما حادثة المرأة التي انتهت بالنعناع فيقابلها في النظام (مهمة تلقي الإخباريات والتعامل معها والنهي عن المنكر بكل حزم وعزم). وتظل حادثة الجنادرية التي نفت الهيئة أي صلة بها يقابلها في النظام (مهمة مراقبة الأسواق والمعارض وضبط المتهاونين في أداء الواجبات الدينية أو المتهمين بارتكاب المنكرات الشرعية مثل: الاختلاط، والتبرج، وتعرض الرجال للنساء، وتشغيل المسجلات .. وخلافه) !!. منذ زمن وحتى يومنا هذا : والأغلبية العظمى من الناس لا تعرف عن هذا النظام شيئا، ومع كل حادثة نجد أن تبريرات الهيئة العلنية لا تستند إلى نظامها القوي، بل تحاول الحفاظ عليه وصرف الأنظار عنه بتبرير ما حدث على أنه عائد لقلة كفاءة وفهم رجال الهيئة الميدانيين، وفي المقابل نجد أن المدعين ومن يتعاطفون معهم يبررون فداحة الحادثة وعدم وجود نظام يقنن وينظم مهامهم، والحقيقة التي نود قولها: إننا بتنا في أمس الحاجة إلى إعادة دراسة نظام الهيئة ومراعاة تحديد مهام رجالها.