قبل سنوات كنت مسؤولاً عن إحدى كبرى الشركات في المملكة، وطلب مني مدير العلاقات العامة تهنئة المسؤول الحكومي بمناسبة معينة، فكان ردي عليه: وما هي الفائدة من الإعلان؟ فقال لي “لا تخرب علينا خل أمورنا تمشي”! هكذا بلا مواربة! فكان ردي عليه بوقف إعلانات التهنئة للمسؤولين، وأن يتم تحويل مبلغ الإعلان لإحدى الجمعيات الخيرية، ثم إرسال خطاب للمسؤول بالتهنئة بالمناسبة مع صورة من سند التحويل الذي تم للجمعية، بالطبع لم يخرب من أمورنا شيء. تحضرني هذه الحكاية كلما أشاهد إعلاناً في إحدى الصحف لتهنئة مسؤول. تمتلئ صفحات الصحف بالعديد من الإعلانات الموجهة للمسؤولين الحكوميين، خاصة عند التعيين أو إعلان الإنجازات.. وفي بعض الأحيان عند انتهاء الخدمة.. لماذا هذه الإعلانات؟ البعض يعتقد أن المسؤول همه الأكبر هو متابعة الصحف لمتابعة المهنئين، ومعاقبة المتقاعسين! لا أجزم، فهناك الكثير من الاستثناءات، ولكني لا أرى أن هناك رشوة أو نية للرشوة مفضوحة ومعلنة (بجلاجل مثلما يقول إخواننا المصريون) مثل كثير من إعلانات التهنئة بالصحف. أما الفضيحة الكبرى فهي عندما يأتي مسؤول في جهة حكومية ويهنئ مسؤولاً آخر في جهة أخرى، فيكون قد جمع بين سوأتين هما: الرشوة وتبديد المال العام. وفي اعتقادي أن المسؤول الذي لا يرغب ويسكت فهو لا يختلف عن مثيله الراضي والمبسوط. لو كنت مسؤولاً لأصدرت قراراً بمنع أي تهنئة لجهة حكومية أو مسؤول حكومي أو موظف عام.