دخل «طاش ما طاش» على خط الهيئة السعودية العامة للاستثمار. لخصت الحلقة الأولى من المسلسل الحملة التي يتبناها بعض الصحف. قدمت صورة الاستثمار الأجنبي المزيف، كما ينبغي. المسلسل الشعبي الشهير فرض على الهيئة تحركاً سريعاً للمواجهة. قررت نشر اعلانات في كل الصحف السعودية، مع التركيز على تلك التي لا تنشر التقارير الدعائية للهيئة، وترفض قبول أعطياتها، ودعواتها الباذخة. بدأت المفاوضات. المطلوب شراء مساحات إعلانية، تشمل مساحات أخرى تحريرية، وعلى قاعدة أطعم الفم يستحي القلم. معظم الصحف رفض المساومة رفضاً قاطعاً، وغضب من الأسلوب الفج. آخر قال: «لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم»، وقبِل التفاهم حول تخفيف اللهجة، مع إبقاء مبدأ النقد. لكن الهيئة العامة للاستثمار لم تعتد كسر كلامها في الإعلام، تعوّدت العمل «تحت الطاولة». هي تريد ان تشتري ذمة الصحف وبأي ثمن. تريد وقف الحملة عليها مقابل إعلانات، وإن شئت رشوة بمسمى إعلانات. مسؤول هيئة الاستثمار كان يتحدث باعتبار ان الصحف السعودية للبيع، وقيل انه طرح مشروعاً لإعلانات تحريرية تنشر بصيغة تقارير إخبارية، وتحقيقات صحافية، ومقالات. الصحف رفضت الطلب، وقالت له: الإعلان هو الإعلان، لا تحاول خلط الأمور. بعض الصحافيين حاول الحصول على تفاصيل أدق للحوار الذي جرى بين الهيئة ووكيل الاعلان والصحف، والوصول الى أسماء الأشخاص والصحف، فقيل له هذه معلومات سرية. موقف الصحف لم يغيّر توجهات الهيئة، إذ قررت البدء بنشر حملة اعلانية خلال الايام المقبلة. ربما يتأخر توقيت النشر أياماً لتكذيب التسريبات، لكن المبدأ أُقِر، والموازنة تأمنت. ملايين من الريالات ستُنفق خلال الأيام المقبلة لتحسين سمعة الهيئة العامة للاستثمار، وتكرار الكلام الخرافي، والوعود الوهمية، والأرقام التي تسبح في أفلاك مظلمة، وتذكّرنا بمسرحيات فايز حلاوة وتحيه كاريوكا. الأكيد ان الهيئة عبثت بحقوق المواطنين، وقوانين الدولة، وشرّعت أبواب البلد للمغامرين، وضيّقت على الناس ابواب رزقهم. وهي اليوم تسعى الى إفساد الصحف، والعبث بحرية التعبير، وخلق ثقافة خطيرة على الساحة الإعلامية، من خلال تزيين الرشوة، وتحويل التسويق وسيلة للابتزاز والتزييف والكذب. لكن الأمل معقود على الصحافة السعودية التي برهنت انها تستعصي على التزييف.