ما الشعور الذي تشعرون به أعزائي القرّاء عندما تقرؤون عشرات بل مئات الإعلانات الصحافية التي ينشرها أصحاب مؤسسات المقاولات والجهات التجارية المختلفة، لمجّرد علمهم عن ترقية أو تعيين شخص ما في مرتبة وزارية معيّنة، أو تعيينه مديراً لبلدية أو أمانة، أو حتى رئيساً أو مديراً لإحدى الشركات الوطنية الكبرى «على سبيل المثال»؟... هل تشعرون بالشعور نفسه الذي أشعر به؟ بل وإضافة لذلك الشعور، هل تشعرون بحاجة ملحّة للضحك والقهقهةّ، إذ إن الأمور تكون قريبة جداً للنكتة! تجد هؤلاء يتسابقون في الإعلان، بل ويتنافسون على التصميم، ويحرصون في كثير من الأحيان على وضع صورهم البهيّة، أسفل صورة المسؤول المُحتفى به، وكأن المهنّئ يقول للمهنّأ: «شوفني وتمقّل فيني! اذكر وجهي زين تكفى!... تراني هنأتك، وزفّيتك، وهشّكتك وبشّكتك! تكفى تذكرني...»! ولو كنت المسؤول، لرددت عليه ب: «وش أتذكر؟! أتذكر العقد الكبير، وطريق من طين وحصير، وحفرة كما الوادي الغوير، وإن هلّت المطرة، تكسّر... وش أتذكّر؟». هل تعتقدون أن أياً من هؤلاء المسؤولين سيتأثر من هذه الإعلانات؟ وأنه سيوصّي أبناءه في البيت، أو أبناءه في الوزارة أو الإدارة أو الشركة «احرصوا على شراء جميع الصحف لمدة أسبوعين من إعلان التعيين، واعملوا لي قائمة بمن هنأني، لنتوصّى بهم، مع الحرص على استخدام النجوم لتقييم شكل التهنئة وتكلفتها، بحسب حجمها وتصميمها، ومدى بهاء صورتي فيها!»، وهل تسبب هذه الإعلانات إحراجاً سلبياً أو إيجابياً لهؤلاء المسؤولين؟! أم هم لا يضربون لها خبراً وتبقى عبارة عن هدر للمال، على ما قد يُسمّى بالنفاق الأبيض، الذي أصبح موضة قديمة لم تعد تهش ولا تنش؟! كم كنت أتمنّى لو يتم منع هذه «التهاني القلبيّة الحارة» واستبدالها بدعاء في ظهر الغيب بأن يوفّق الله الخلف، ويسامح السلف! وإن كان ولا بد، أن يكون هناك تقنين لهذه الإعلانات بحيث يكون نصف قيمتها للجمعيات الخيرية المختلفة، وألاّ تكون من مستفيد مباشر من هذا المسؤول، كم مواطناً أميركياً تتوقعون قاموا بتهنئة وزير جديد بالتعيين؟!... خلاص بطّلوهاّ... بطّلوووها! محمد المسحل [email protected]