محمد بن عبدالله المشوح - عكاظ السعودية كنت قد ألححت على شيخي العلامة محمد العبودي بضرورة إعطائي وتسليمي نسخاً من كتابيه النفيسين عن المغرب وزيارته لها وما دونه لكل الرحلة من مشاهدات آنذاك واللذين عنون لهما ب «العودة إلى المغرب الأقصى بين الصحراء والأرض الخضراء» والآخر «الإشراف على أطراف من المغرب العربي». وذلك لأن المغرب البلد العربي الوحيد الذي كتب عنه إضافة إلى موريتانيا حيث كتب عنها إثر زيارة خاطفة قادته لاحقاً إلى السنغال. أما المغرب فقد زارها شبراً شبراً تعقب آثارها وتجول في أسواقها ودهاليزها وشم عبقها التاريخي الفواح عبر مكناس وفاس والعيون والرباط والقنطرة ثم في العاصمة الحمراء الرائعة الأنيقة مراكش. سارع حفظه الله إلى صف الكتابين وتجهيزهما ففاتت مناسبة معرض الكتاب في العام الماضي ولم نلحق على طباعتهما وإن كنت شواقاً إلى ذلك. وقبل ما يقارب شهرا التقيت مع سعادة د. سالم المالك بحضرة ومنزل شيخنا محمد العبودي وقدم الدعوة لمعاليه للمشاركة في معرض الدارالبيضاء للكتاب والذي سوف تحل فيه المملكة العربية السعودية ضيف الشرف لهذا العام وأعدت وزارة التعليم العالي برنامجاً ثقافياً حافلاً يليق بهذه المناسبة والبلد المضيف. كشفت للدكتور سالم المالك أن لدى شيخنا كتابين رائعين عن رحلته للمغرب فسر بذلك كثيراً وعرض على معاليه طباعتهما ضمن هذه المناسبة إضافة إلى محاضرة خاصة له عن أدب الرحلة. كشفت أثناء اللقاء عن سر آخر من أسرار شيخنا وهو عنايته برحلة ابن بطوطة حيث إنه لم يمر على بلد وصله ابن بطوطة وكتب عنه في رحلته إلا ونقل ما كتب في رحلته وعلق عليه وناقشه وشرح خط سيره ومشاهداته. وابن بطوطة ابن المغرب والتحديد طنجة. وكانت بالفعل مناسبة رائعة أخرى ليتحدث عن الرحالة العربي الكبير ابن بطوطة في بلده ومنطلق رحلته. كانت توافقات جميلة تستحقها المغرب المعروفة بإرثها العربي وعطائها الثقافي الممتد عبر قرون طويلة. لقد استطاعت وزارة التعليم العالي ممثلة بإدارة التعاون الدولي أن تلتقط الأنفاس الثقافية المناسبة لبلد عريق الفكر والثقافة مثل المغرب الشقيق. وكانت فرحة الإخوة المغاربة بمشاركة العلامة والرحالة الكبير محمد العبودي لا توصف وعلى رأسهم العلامة الموسوعي المغربي الشهير الدكتور عبدالهادي التازي والذي عني برحلة ابن بطوطة وتحقيقها ونشرها. لقد استطاع الإخوة في الوزارة أن يقدموا لوحة جميلة من الإبداع الثقافي عن المملكة العربية السعودية يتعرف من خلالها الجمهور المغربي على العطاء العلمي الرصين لبلادنا وعلى القامات الثقافية والأدبية والفكرية التي تحتفظ بها بلادنا لتستطيع إثر ذلك في تغيير بعض الصورة الضبابية عن بلادنا والتي قد يشوهها البعض بتصرفاتهم وأعمالهم. كان من أجمل ما رأيته وشاهدته هو عناية القائمين على مشاركات المملكة في المعارض الدولية بمصدر عزنا وفخرنا وبقائنا وسؤددنا وهو الإسلام وبالأخص إبراز أكبر معلمين إسلاميين وهما المسجد الحرام والكعبة المشرفة ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح الزائر هناك يرتجف فرحاً وغبطة بهذه المشاهد المؤثرة عن أقدس الأماكن وأشرفها. إن العناية بهذا الأمر في نظري يشكل وعياً وطنياً وحساً دينياً ينبغي أن نفعله وأن نسعى من أجله. فالقيمة الدينية والقداسة الشرعية لبلادنا مصدر قوة وعزة يجب أن نأخذ بها وأن لا نغفل عنها. أما الحديث عن الكتابين وما فيهما عن المغرب وأسراره فهو يستحق حديثاً خاصاً سوف آتي عليه لاحقاً إن شاء الله.