يوسف الكويليت * نقلا عن "الرياض" السعودية في مصر هناك حالة احتقان بين مختلف التيارات، ورغم الانتخابات التي اكتسح فيها الإسلاميون كل الأحزاب والتجمعات الأخرى، واتضاح صورة من سيحكم مصر في المستقبل، إلا أن الجدل والتظاهرات والاعتصامات بسبب الخلاف بين المجلس العسكري، والقوى المدنية التي تطالب بتسليم السلطة إلى المدنيين لا تزال مثار خلافات مستمرة.. كل هذا تم في إطار شدّ وجذب ولكنه لم يتحول إلى صراع أو تفجير مواقف إذ من مصلحة جميع الأطياف المصرية المحافظة على الجيش كقوة محايدة أمام الخلافات الداخلية واعتباره الرمز في حماية أمن الوطن، وأن لا تختل هذه الصورة لمجرد بطء إجراءاتٍ لا تعد مشكلة معقدة، غير أن ما حدث في استاد بورسعيد في لقاء ناديين وطنيين، لم يتجه الأمر وكأنه شغب ملاعب عندما سقط (74) شخصاً وأكثر من ألف مصاب، إذ إن المنحى يذهب إلى ما هو أخطر من خسارةٍ ومكسب إلى وجود أصابع تفجير مصر كلها، وهنا لابد من كشف الوجه الحقيقي لمن تسبب بهذه المذبحة سواء أكان من فلول النظام القديم، أم قوى مندسة تريد تخريب النهج السياسي الجديد، وفي كل الأحوال فمجرى الأحداث يفرض أن تكون الأولويات للأمن، لأنه من غير المعقول في الظرف الراهن الذي تمر به البلاد، أن لا يكون للشرطة والأجهزة الأخرى وجود مؤثر يضع كل الاحتمالات في أي تجمع جماهيري.. مبررات السخط اختلط فيها الديني بالسياسي، والاجتماعي، لكن البطالة والفقر عاملان أساسيان في احتدام الصراع، لأن الثورة جاءت وفي ذهن مفجّريها، أن تكون الفترة الانتقالية قصيرة، وأن تعود المؤسسات للعمل، لكن الحسابات اختلفت، فآثار ما أفسده النظام السابق تركة ثقيلة ما يفرض إعادة هيكلة كلّ الأجهزة الأمنية والإدارية، وإعطاء الدولة دوراً فاعلاً في ضبط اتجاهات الشارع وإزالة الاحتقان الذي يخشى أن تكون أحداث بورسعيد مقدمة لخروج من يعادون الثورة، إلى خلق فوضى في أكثر من جهة.. لا تنقص مصر الكفاءات في كل المواقع، ومن هنا تأتي الأولويات للأمن باعتباره ضابط الإيقاع، صحيحٌ أن عملية الانتقال، وفي ظروف ثورة كبيرة، لا تأتي سهلة، لكن لا يجب أن يأتي الإجراء بطيئاً أو معرقلاً للانتقال السلمي.. لقد عانى الشعب المصري العظيم الويلات من مختلف الأنظمة، وقدم التضحيات الهائلة، وحتى هزيمة 1967م استطاع تجاوزها في انتصار 1973، لكن من خلال ما جرى من قتل المبادرات الوطنية ، والفساد الذي تسببت فيه فترات الحكومات السابقة كان لابد أن يكافأ هذا الشعب الصبور بما يليق بنضاله وتضحياته..