د.سعد بن عبدالقادر القويعي - الجزيرة السعودية سنستبشر خيراً، بتصريح معالي رئيس الهيئة الوطنية لحماية النزاهة، ومكافحة الفساد الدكتور محمد بن عبد الله الشريف، بأن: «المكافحة تشمل الرؤوس الصغيرة، والكبيرة، ولن يُستثنى كائنٌ من كان، كما جاء في توجيهات خادم الحرمين الشريفين»؛ ليكون التصريح خطوة على المسار الصحيح، في تطويق هذه الظاهرة، وعلاجها، - لاسيما - وأن الإرادة السياسية العليا في مواجهة هذا الداء، قد فتحت للهيئة صلاحيات واسعة، وآفاقاً رحبة - بإذن الله- للقضاء على الفساد بنوعيه والحد من انعكاساته السلبية على أرض الواقع. حماية النزاهة، ومكافحة الفساد، لها بعدان. أما الأول، فيشمل تعميم ثقافة النزاهة مجتمعياً؛ لتعزيز الانتماء الوطني. وهو ما يؤكده وجود إستراتيجية شاملة؛ لمكافحة الفساد، تقوم على اتخاذ جملة من التشريعات النظامية، تقوم بأعمال الرقابة، والمتابعة، والتفتيش في التعرف على التقنيات الحديثة؛ لاكتشاف الثغرات، والمخالفات الإدارية والمالية، ومن ثم تفعيل مراقبة تلك الخطوات. وأما الآخر، فيتمثل في الميدان الحقيقي على أرض الواقع؛ لمحاربة الفساد بشقيّه، والذي سيكون بمثابة نواة توجه وطني، يسوده الأمن، والرفاهية، وتظلله الحرية. إن المصطلح الدارج للفساد - قانوناً - يشمل استغلال النفوذ، وإساءة استعمال السلطة، والإثراء غير المشروع، والتلاعب بالمال العام، واختلاسه، أو تبديده، أو إساءة استعماله، بما في ذلك الجرائم المحاسبية، جرائم الرشوة، وجرائم التزوير، والغش التجاري. إلا أن إهدار ثروات الدول، وما يترتب عليه من مظاهر التقهقر الاجتماعي والاقتصادي، كان أبرز التداعيات السلبية المترتبة على هذه الآفة، وهو ما أنتج - مع الأسف - ظاهرة «الثراء المفاجئ» لبعض الموظفين، إضافة إلى سيادة المنافع الشخصية، والتي مارست تأثيراً قوياً، حتى أصبحت رائحتها تزكم الأنوف؛ مما أدى إلى توسيع الفجوة بين هذه الفئة، وبقية أفراد المجتمع، بعد أن طالت مقومات الحياة، فعرقلت أداء المسؤوليات، وإنجاز الخدمات. وأهدرت الثروات، والطاقات، والأوقات. إن العمل على ضرورة تفعيل المبدأ النبوي: «من أين لك هذا؟»، سيحد - بلا شك - من ظاهرة الفساد، وسيقف الضمير الحي بقوة؛ ليفرق بين الحرية، والفوضى،- خصوصاً- وأن الخوف الفطري لدى بعض الناس، سواء بتعرضه لخطر فقدان الوظيفة، أو لأي شكل من أشكال المضايقات، أو الانتقام، نتيجة ما يحمله من وثائق، أو يدلي به من شهادات، سيتلاشى بعد استقبال الهيئة؛ لبلاغات المواطنين، المتعلقة بالفساد، والقصور في المشروعات، والخدمات، دون الإبلاغ عن هويتهم. فالفساد يمكن محاصرته بتشريعات إدانة، وأساليب محددة واضحة.