بين النصيحة والفضيحة مسافة يسيرة، حولت الكثير من النصائح إلى فضائح، فكم من امرأة بريئة لوّثت سمعتها وعرّض بها وهي بريئة عن طريق الخطأ والتسرع، وكم من هفوة من مراهقة أو شاب دفعا حياتهما ثمنا لها على يد من لا يحسنون صنعا في مثل هذه المواقف، هذه الأمور المؤلمة جعلت حالة القبول بالنصيحة تنقلب إلى رفض مطلق، لأن من قام بمهمة النصح وقتها يفقد المصداقية، حين يستخدم للنهي عما يراه منكرا أشد وأغلظ الوسائل والأشخاص، حتى اقتُرفت الكثير من الأخطاء، وفي كل مرة يحدث خطأ ما؛ يكون تبديد الاحتقان الحاصل لدى الناس عن طريق نسبة هذه الأخطاء إلى فئة من الشباب المتحمس المندفع طوعا، وبقوة لإنكار المنكر أو الأمر بالمعروف دون أن يتلقى سابق تدريب أو تأهيل أو تعليم لفن الحوار أو الدفع بالتي هي أحسن. وبذلك تضيع كرة المسؤولية بعد أن تقاذفتها أكثر من جهة، لذلك كان قرار إيقاف المتعاونين مع الهيئة مثلا، حيث ستقل العشوائية الناجمة عن إيكال الأمر إلى من لا يتقنه، وسيتم التعامل مع الأخطاء بدقة ومعالجتها بوضوح، كما يستطيع كل شخص، رفض أي توجيه أو أمر من أي محتسب قبل أن يطلب منه بطاقة العضوية التي تثبت انتسابه لجهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا الجهاز الذي نحترمه ونؤمن بدوره، ويتطلب عليه أن يكون دقيقا ومسؤولا في كل ما يصدر عنه، دون التجسس على الآخرين، أو الانطلاق في التعامل مع الناس من مبدأ الشك، ودون أن يكون كل الناس متهمين في نظره حتى يثبت العكس. لا بد من ابتكار آليات جديدة للنصح تتناسب مع حالة الوعي العام المتعلق بالحقوق والواجبات، تحفظ للإنسان حقوقه. فلا تعنفه ولا تشهر به ولا تشعره بفرض وصاية أخلاقية عليه تنتقص من قدره في مجتمعه، فكل ابن آدم خطاء. إن تغيير الصورة الذهنية المرسومة عن الهيئة أمر مهم جدا، والعمل الجاد والصدق والشفافية والرغبة الصادقة في التغيير أمور كفيلة بإذابة جبال الجليد التي تكونت بين الناس وجهاز الحسبة الحالي.