يقدم التلفزيون السعودي وجبة دسمة من البرامج التوجيهية للخير والإيمان والفتوى لمشايخ فضلاء مثل العبيكان والشبيلي والعتيق وغيرهم من الفضلاء الذين تجمعهم صفات الاعتدال والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة. يبتعد هؤلاء الفضلاء عن تأجيج الناس وغمز ولمز أحد على حساب آخر، لا يتحدثون مع الناس وظنهم السيئ يسبقهم ولا يجزمون بفساد الناس، بل يدعون إلى الخير والإحسان. لفت نظري حديث الشيخ سعد العتيق في برنامجه مودة تطرق إلى صلة الرحم والقطيعة والشحناء بين المسلمين، وكيف يتحول البعض إلى ما يشبه مناديب الشيطان، حيث يؤججون الأخ على أخيه أو ابن عمه أو جاره والمطلوب أن يكون المسلم مندوب خير بين الناس لا يدعو إلا لطيب وتسامح وحسن خلق. حين انتهى البرنامج وجدتني مدفوعة برغبة صادقة للتسامح والصفح عن كل من كان بيني وبينه جفاء، تواصلت مع أقارب وقريبات وأصدقاء وصديقات ومؤكد كثيرون مثلي تؤثر فيهم الكلمة الطيبة التي تأتي مغلفة بحسن الظن ومشجعة على الخير. قلت بيني وبين نفسي: سبحان الله، ما أكثر خير وزير إعلامنا -شفاه الله- فقد اختار بعناية الفضلاء من المشايخ المعتدلين الذين لا يقولون إلا حسنا وجعلهم يدخلون بيوتنا ويوجهون كبارنا وصغارنا بمودة وحسن ظن وكلمة طيبة، وجزاه الله خيرا إذ منع عنا الدعاة المرجفين المشائين بنميم الذين يستسهلون رمي الناس بآلتهم ويسيئون الظن بالشباب مع أن هذا المجتمع فيه خير كثير لكنهم لا يقعون إلا على السوء بحجة أن هذا ما تقتضيه الدعوة، وهم بذلك لا يختلفون عن الروائيين الذين لا يكتبون عن مجتمعنا إلا سوءا بدعوى إن هذا ما يقتضيه الإبداع. كذباً وبهتاناً ما يقوله أولاء وأولئك فنحن مجتمع بشري فينا الخبيث وأكثرنا طيب؛ لأن فطرة الله التي فطر الناس عليها هي الفضيلة فليت قومي يعلمون أن ضرر الدعاة المرجفين أشد وأعظم من غيرهم، حيث يتحدث واحدهم وهو يتوشح برداء الدين وكأنه مرسول الله للإصلاح فيظلم ويهين ويطعن فيجعل بمبالغاته وجوره الشك والإحباط يدخل لقلوب الناس، كما أن الريبة والتوجس تعظم بين المسلمين وهو يتحمل هذا الوزر إلى يوم الدين, اللهم ضيِّق مساحات وجود المرجفين من شتى الاتجاهات والتيارات في مشهدنا السعودي ليعلو صوت العقلاء والمعتدلين. اللهم آمين.