إيلون ماسك يقلق الأطباء بتفوق الروبوتات    «العفو الدولية»: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة    كييف تتهم بوتين بعرقلة جهود ترمب لإنهاء الحرب    سان جيرمان يقترب من التأهل لنهائي "أبطال أوروبا" بفوز في معقل أرسنال    جوازات مطار المدينة المنورة تستقبل أولى رحلات ضيوف الرحمن القادمين من الهند    بصوت القلم    أسباب الشعور بالرمل في العين    اختبار للعين يكشف انفصام الشخصية    الجلوس الطويل يهدد الرقبة    مجمع الملك عبدالله الطبي ينفذ تطعيم ل 200 من منسوبي الأمن البيئي المشاركين في الحج    نائب أمير منطقة مكة يستقبل محافظ الطائف ويطلع على عددًا من التقارير    نائب وزير الخارجية يشارك في اجتماع وزراء خارجية دول البريكس بريو دي جانيرو    جيسوس بعد الخسارة: الإدارة لا تتحمل الهزيمة    سيناريوهات غامضة في ظل الغارات الإسرائيلية المتكررة على لبنان    دوريات الأمن بالعاصمة المقدسة: القبض على 4 صينيين لارتكابهم عمليات نصب واحتيال    قلعة شامخة    قوميز قبل مواجهة الشباب: سنلعب بروح النهائي على أرضنا وبين جماهيرنا    أمين منطقة القصيم: مبادرة سمو ولي العهد تجسد حرص القيادة    الصوت وفلسفة المكان: من الهمسات إلى الانعكاسات    ورم المحتوى الهابط    من شعراء الشعر الشعبي في جازان.. علي بن حسين الحريصي    "سيماكان" مدافع النصر : فريقنا سيقدم أفضل ما لديه من أجل الفوز والوصول إلى النهائي الآسيوي    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تُتوج بذهبية كرة القدم    أمير تبوك يستقبل محافظ هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية    تنوع جغرافي وفرص بيئية واعدة    المسار يسهم في نشر ثقافة المشي والتعرف على المواقع التراثية وجودة الحياة    الداخلية تعلن اكتمال الجاهزية لاستقبال الحجاج    الموافقة على تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء    351 مليار ريال تسهيلات المصارف وشركات التمويل للمنشآت    للعام السابع.. استمرار تنفيذ مبادرة طريق مكة في 7 دول    وزير الصناعة الثروة المعدنية يبدأ زيارة رسمية إلى دولة الكويت    أمير جازان يستقبل مدير فرع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بالمنطقة    نوفو نورديسك ولايفيرا توقعان مذكرة تفاهم لتمكين إنتاج مستحضرات سيماغلوتايد الپپتيد-1    "هيئة تطوير حائل" تنضم رسمياً إلى الشبكة العالمية للمراصد الحضرية التابعة للأمم المتحدة    محمد بن ناصر يتسلّم التقرير الختامي لفعاليات مهرجان "شتاء جازان 2025"    محمد بن ناصر يرعى حفل تخريج الدفعة ال20 من طلبة جامعة جازان    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس المحكمة العامة بالقطيف    وزير الاستثمار يلتقي قطاع الأعمال بغرفة الشرقية    مدير مكتب صحيفة "الرأي" بجازان يحتفل بتخرج نجله مجاهد من قسم الهندسة الكيميائية بجامعة جازان    Saudi Signage & Labelling Expo يعود إلى الرياض لدعم الابتكار في سوق اللافتات في المملكة العربية السعودية البالغة قيمته 492 مليون دولار    قوات الاحتلال تنفّذ عمليات هدم في رام الله والخليل    كشف النقاب عن مشروع «أرض التجارب لمستقبل النقل» في السعودية    رياح و امطار على عدة اجزاء من مناطق المملكة    الهدد وصل منطقة جازان.. الأمانة العامة تعلن رسميًا عن الشوارع والأحياء التي تشملها خطة إزالة العشوائيات    الأمير فيصل بن سلمان:"لجنة البحوث" تعزز توثيق التاريخ الوطني    الضيف وضيفه    أمير مكة: دعم سخي يؤكد تلمس حاجات المواطن    الانتخابات العراقية بين تعقيدات الخريطة وضغوط المال والسلاح    "مركز استهداف التمويل": جهود فعالة ورائدة في مكافحة جريمة الإرهاب وتمويله    النصر يتوج بكأس دوري أبطال آسيا الإلكترونية للنخبة 2025    العزلة الرقمية    زواجات أملج .. أرواح تتلاقى    أمير المدينة يدشّن مرافق المتحف الدولي للسيرة النبوية    محافظ محايل يكرم العاملين والشركاء في مبادرة "أجاويد 3"    تدشين 9 مسارات جديدة ضمن شبكة "حافلات المدينة"    جامعة جدة تحتفي بتخريج الدفعة العاشرة من طلابها وطالباتها    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين المثقفين الليبراليين والمثقفين المتدينين.. 1-2

تظل هناك صعوبة في فهم أسباب علاقة التأزم بين المثقفين الليبراليين والمثقفين المتدينين لكل متأمل لهذه العلاقة، وأيّ ضبط أو تحديد لأسباب هذه الأزمة يدخل ضمن باب الاجتهاد الشخصي.. ولنبدأ باعتقاد كل منهما لأن الاعتقاد هو مركز الأزمة أو هكذا أعتقد.
يعتقد المتدينون بما أنهم يملكون التأثير على العقل الاجتماعي يعني أنهم يملكون تأييد الأغلبية فهم يستحقون في ضوء غلبة التأثير على الأكثرية صناعة السلطة والقانون الاجتماعي والأخلاقي، على أساس «من يُؤثر يحكم».
في مقابل يعتقدون أقصد المتدينين أيضاً أن الليبراليين لا يملكون التأثير على العقل الاجتماعي وبذلك فهم يفتقدون تأييد الأغلبية، وفي ضوء غياب التأثير على الأغلبية؛ فهم لا يستحقون سلطة على العقل الاجتماعي أو صناعة قراراته وقوانينه الحياتية، على أساس «من لا يؤثر لا يحكم».
كما يعتقدون أن الليبراليين لا يحملون أيّ خير للمجتمع وأنهم بواسطة مشروعهم الغامض صاحب الخلفية الغربية يسعون إلى تغريب المجتمع وانحلاله من خلال مطالباتهم بإضافة الكثير من المعتقدات والسلوكيات التي ستنزع من المجتمع هويته الرئيسة.
ولذلك يعتبرون الليبراليين فئة ضالة ومُضلِلة ومن حزب الشيطان تسعى إلى إفساد المجتمع ونشر الفحش والمنكر فيه باسم الثقافة والحضارة، وهم؛ أيّ الليبراليين وفق هذا التصور خطر يهدد أصولية العقل الاجتماعي وأشكاله، ويتهمون الليبراليين كذلك بمحاولة خطف الجمهور لزجه في متاهات الضلال والشرك والفجور، والتغرير به.
وأخيراً يعتقدون أن الليبراليين يهددون «السلم التشريعي والسلم الثقافي» للمجتمع و يهددون «سلامة المعتقد وسلامة الهوية». أما ما يعتقده الليبراليون بدورهم فهو أن المتدينين لا يحملون أيّ خير للعقل الاجتماعي، بل على العكس كلما هم العقل الاجتماعي إلى التقدم سحبوه إلى الوراء عقوداً من الزمن، وأن مشروعهم الإحيائي سيورث المجتمع الجهل والتخلف والعودة إلى عصر الظلمات العربية وسيُشيع الفكر التطرفي والإرهابي نحو الآخر بما يعني تهديد للمكون النهضوي.
كما يتهم الليبراليون المتدينين «بخطف الجمهور» وخداعه بالضغط على «وجدانياته الدينية» وتغيب العقل النقدي للمجتمع المُلِزم للإصلاح والذي يفرق بين ما هو الأصل في الدين وما هو المكّون عن العرف والعادة والرمز، وما هو الثبات في الدين وما هو المتحول الذي يجيز التفاعل مع الحضارة والتطور المستمر، ويُعين على التغير والتغيير.
وأخيراً يعتقد الليبراليون أن المتدينين يهددون «السلم الإصلاحي» و»السلم الحضاري» للمجتمع، ويهددون «سلامة الوعي وسلامة الإنجاز». ووفق عناصر كل معتقد من المعتقدين يمكننا أن نستنتج أسباب الأزمة بين الليبراليين والمتدينين، وهي؛ الأصل والغاية والمشروع.
الأصل في التشريع عند المتدينين آحادي المضمون غير قابل للتأويل حتى لو كان هناك رخصة للتأويل أو اختيار من متعدد مذهبي،فاللجوء إلى رخصة التأويل مع وضوح أصل التشريع، أو الاختيار من المتعدد المذهبي الأيسر والمتيسر والذي لا يخالف قيمة الأصل أو إجرائيته بل يختلف معه في كيفية التعامل مع قيمة الأصل فيما لا يضر بقيمة قيمة الأصل يُعتبر مفسدة وبطلانا واحتيالا يهدد سلامة المعتقد وصحة السلوك مما قد ينتج الفحش والمنكر والفساد في الأرض والبحر.
في حين أن المثقف «الليبرالي» يسعى إلى استثمار رخصة التأويل و ما تيسر من اختيار المتعدد المذهبي رغم وضوح الأصل لإجازة العامل النهضوي من خلال إعادة تدوير «أصل القيمة للتشريع».
وهذا أصل الخلاف بين الليبراليين والمتدينين، فكل رأي كما يعتقد المتدينون ينبني على قيمة تشريعية تعتمد على رخصة التأويل أو الاختيار متعدد ذهبي هو «باطل» وبذلك فالرأي المبني على رخصة تأويل أو متعدد مذهبي باطل باعتبار ما بني على باطل فهو باطل.
والحكم ببطلان الرأي يقتضي ببطلان كل شكل وسلوك يصدر بموجبه، ودخول السلوك أو الشكل في دائرة البطلان يعني أنه مناف للمعروف ويقتضي بذلك الدخول في باب المنكر والفحش والفساد، والمحاربة بما وجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
في حين أن الليبراليين يعتقدون أن الاختلاف في تأويل القيمة التشريعية للأصل وعدم التزمت في التمسك بالمضمون الأحادي فيه رحمة للناس ويتناسب مع المقتضيات الحياتية والحضارية لمصالح الناس.
وبما أن الرحمة وتمام مصالح الناس والحضارة في التأويل وتيسير الاختيار من متعدد مذهبي، فما ينتج من رأي وفق ذلك التأويل والتعددية المذهبية هو رأي صحيح تشريعياً، ولا ينافي الأصل في التشريع وليس بمنكر، وبالتالي فما يُنتج من سلوك وشكل وفق ذلك الرأي هو خير ومعروف، ولا يحق لأحد أن يحكم عليه بالمنكر ويحاربه.
وبذلك لا يهتم الليبراليون «بقوة درجة القيمة التشريعية للأصل» أو رتبتها، بما أنها لا تتناقض مع باطن الدين لا ظاهره. في حين أن المتدينين يهتمون «بقوة درجة القيمة التشريعية للأصل» ورتبتها، لأن الرتبة هي أساس البطلان والحق في القيمة التشريعية، حتى وإن اتفقت الرتب على مضمون واحد، فالترابية هي التي تحدد سلامة القيمة من بطلانها، فالأولوية لتشريع القيمة دائماً هي الرتبة الأعلوية، وما تليها من رتبة باطلة وإن اشتركت معها في الفضل والجواز.
وقفة:
كل الشفاء والعافية لوزير ثقافتنا الدكتور عبدالعزيز خوجة.. وطهور إن شاء الله «يا طيب القلب».. ودمت رمزا للتسامح الثقافي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.