د. علي حمزة العمري - المدينة السعودية فجَّرت تغريدة الكاتب الصحفي اللامع (أ.صالح الشيحي) الأوساط المحلية، وغدت تغريدته التويترية، قنبلة يحملها نسر جارح لا طائر مازح!. الأستاذ الشيحي استند في وصفه ملتقى المثقفين السعوديين بالرياض مؤخرًا بأنه خزي وعار على المشهد الثقافي السعودي، إلى أمرين: 1- تكاثر مسلسل التجاوزات غير اللائقة المخالفة للشرع. 2- توصيف حالات هذه المخالفة بين مزاح ونكات ورفع للأصوات، ومجالس بين الرجال والنساء بلا ضابط مع سفور بعض النساء اللواتي كشفن شعرهن وزينتهن أمام الرجال. وقطعًا لم يُسَمِّ الشيحي أحدًا، كما لم يعمم في وصفه وحكمه. ووقف غالب المجتمع حياله إلى طائفتين، تعوَّدنا أسلوبها في مثل هذه القضايا: 1- (الطائفة الأولى): وهي التي تتشكل حسب الطلب، ولديها أجوبة ترفع بها صوتها، وتخفي بها شعثها!، فإن قال الشيحي: كثرت هذه التجاوزات في لقاءات عدة، قيل له: اطلب أشرطة كاميرات الفنادق والردهات لنتأكد، مطالبينه بإغلاق عينيه وضميره، وما تعلمه من أبجديات دينه. وإن قال عن الممازحة الغريبة الممجوجة والضحك بالصوت العالي بين الرجال والنساء، قيل له: عدِّد عدد الضحكات، ومستوى الأصوات، وأنت تتكلم عن نساء محترمات تركن أولادهن وأهلهن لبناء مستقبل ثقافي للأجيال. وكأن الرجل جمع كل من في القاعة، وأحضرهم لبهو الفندق ليحكم عليهم جميعًا!. ثم وإن قال الشيحي عن النساء اللواتي خلعن حجابهن وجعلنه ألعوبة في مجلس استعراضي، قالت له إحداهن: ومالك ولكشف الشعر، إنها قضية بين المرأة وخالقها، ولربما كانت أعظم قدرًا وصدقًا في داخلها ممن توشحت بالسواد!. وهكذا تريد هذه الطائفة أن تلملم ما قيل واصفة إياه بذكر اللامعقول، مطالبة إياه الاعتذار للمثقفات الأحياء منهن والأموات، ولو لم تكن إحداهن ممن حضر!. وأما الطائفة الأخرى فهي: 2- (الطائفة الثانية): وهي التي تردد نثار الأخبار من كل مكان، سواء كان المغرد العنقاء أم البومة!. وكأن المشهد كان صارخًا باغتصاب الأفكار، موحيًا بالهلاك، مقننًا لفرض الليبرالية، مبرمجًا لاحتكار الثقافة. وأن الأستاذ الشيحي تحول نائبًا عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على كل من طغى وبغى. وبعد، فقد نسيت الطائفتان أن فكرة الملتقى محمودة في ذاتها، جيدة في غايتها، وأن علينا أن نبذل الجهد الأوسع لمعرفة أوراق العمل، ومضامين المناقشة، ونتائج التوصيات، لصالح المجتمع والجيل والوطن. أما ما عرضه الأستاذ الشيحي في تغريدته مما شاهده، فهو ليس مجرد رأي، وتغريدة (على الماشي)، بل هو حكم يمكن رفعه لجهة المحاسبة والقضاء. فإن كان ما قاله ليس صحيحًا، أو وصفًا غير دقيق، فللمجتمع الحق في ردع ذلك، والمحاسبة القانونية عليه، ليبقى المجتمع على قدر من التماسك والترابط الفكري. وإن كان ما قاله صحيحًا، والوصف دقيقًا، والحال متكررًا، فما هو إلا تقرير في سجلهم العام، مع ردعهم في المقابل عن تجاوزهم، ثم ليرحل من وصفوا من هؤلاء لديار أخرى -إن رغبوا- ترحب بالتعددية والثقافة السلوكية على طريقتهم!!