ما أن حطت تغريدة صالح الشيحي ركابها في حسابه في التويتر، حتى طارت بها "العربان" من كل (فيس) و(com).. التغريدة تصف ما حدث في بهو الماريوت أثناء ملتقى المثقفين بالعار والخزي على الثقافة، وتؤكد على إيمان كاتبها بأن مشروع التنوير الثقافي المزعوم يدور على المرأة. وكالعادة تستثمر التغريدة من قبل التيّارين العتيدين "المحافظ" و"الليبرالي" لتصفية الحسابات، ولتوظيف الموقف سياسيًّا واجتماعيًّا. ما حدث في «تويتر»، والجدل الكبير الذي دار حول "التغريدة" يؤكدان أننا مجتمع "حكواتي" يبحث عن أية جنازة، حتى بعض الذين كنت أعتقد أنهم ماتوا، ظهروا فجأة في هذه الحكاية! لن أذهب في تقييم الموقف، فأنا كائن "متكهّف" يتابع المشهد من المدرجات، إلا أنني أتفق مع ما قاله د. عبدالله الغذامي "إلا الأعراض.. إلا الأعراض يجب ألا تُمَسّ".. وبالمناسبة مرّ تصريح الغذامي مرور الكلام، وهو سادن المشهد الذي يُقيم الدنيا ولا يُقعدها بأي حديث عابر، فما الذي حدث؟! أم أن الحسابات مختلفة، والتكتيكات أكبر؟! وفيما "السيوف" تلمع وتبرق في مضارب التويتر، بقي الرأي الرسمي نائيًا كعادته في هذه المواقف، حتى هبطت تغريدة الوزير عجلى ومقتضبة تستنكر ما تفوّهت به اختها تغريدة الشيحي، حيث اعتبرت الخزي هو وصول النقد إلى القذف والتشويه بعد أن يقفز فوق أهدافه وآدابه.. ما حدث في «تويتر»، والجدل الكبير الذي دار حول «التغريدة» يؤكدان أننا مجتمع «حكواتي» يبحث عن أية جنازة، حتى بعض الذين كنت أعتقد أنهم ماتوا، ظهروا فجأة في هذه الحكاية! في المقابل اشتعل غضب الطرف الآخر.. فأشار في تغريدته إلى رفع قضية ضد الوزير، حيث رأى أنه أصدر الحُكم قبل المحاكمة. لا أدري لِمَ شعرت بنوعٍ من الإرباك، وتحوّلٍ في مسار الجدل، إلى صراع من نوع آخر، ومع احترامنا للجميع إلا أن الامر لا يستدعي رفع قضية، واستدعاء مفردات مخيفة مثل "محاكمة ومحكمة" علمًا بأن المثقفين أيضًا مارسوا ذات التهديد ضد الشيحي.. فهل هذا خطاب ثقافي جديد؟! وفي الوقت نفسه كنا ننتظر رأيًا رسميًّا جادًّا في التعاطي مع الموقف، وتشكيل لجنة للتحقيق فيما قيل، لتتضح الحقائق أمام الرأي العام! الموضوع برمته يبدو واضحًا على السطح.. ولكن ثمة أسئلة غامضة تصدمنا حين نتجه الى العمق شيئًا فشيئًا: **هل استثمرت التغريدات ووظفت في إحراج وزارة الثقافة والإعلام والقائمين على الملتقى والمثقفين امام السلطة والمجتمع؟ **هل انتهت جميع قضايانا ومشاكلنا لتدور جميع مواقفنا وصراعاتنا حول المرأة؟ ألا توجد قضايا اخرى أكثر مصيرية كالفقر والبطالة والفساد؟ **ألا يوجد في البلد غير هذين التيَّارَين؟ "أيُعقل"؟! **إذا وصل الحوار بين المثقفين والنخبة إلى هذا المستوى المخجل.. فكيف سيكون بين البقية؟ **كيف سيكون حال الملتقى في العام المقبل؟! **سؤال هادئ وبريء: مَن يحرّك هذا المشهد؟!