ذلك هو مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «أيده الله» لتطوير مرفق القضاء، فلقد كان إنجازاً تاريخيا أشادت به دول العالم كألمانيا وإيطاليا وغيرهما، حينما أصدر «رعاه الله» المرسوم الملكي رقم م/78 في 19/9 /1428ه القاضي بالموافقة على نظامي القضاء وديوان المظالم وآليتهما التنفيذية بغية إعادة هيكلة مؤسسات القضاء لتؤدي واجباتها بفعالية تكفل الحقوق للمواطنين والمقيمين، حيث يتمكّن القاضي والمتقاضي من سرعة البت في القضايا، وأمر الملك باعتماد سبعة مليارات ريال لتنفيذ مشروع التطوير. وتضمن النظام تشكيل محاكم جديدة لتواكب النهضة الحديثة الشاملة للمملكة وهي: = تطوير صلاحيات واختصاصات المجلس الأعلى للقضاء. = إنشاء المحكمة العليا. = إنشاء محاكم الاستئناف. = تطوير محاكم الدرجة الأولى على النحو التالي: 1 – المحاكم العامة 2 – المحاكم الجزائية 3 – محاكم الأحوال الشخصية 4– المحاكم التجارية 5 – المحاكم العمالية 6 – المحاكم المرورية التي أمر بها الملك سابقاً. ويستهدف هذا المشروع الإصلاحي تطوير الأداء في وزارة العدل ورفع كفاءة الكوادر القضائية من قضاة وكتاب عدل وإداريين وتوفير الوظائف والتجهيزات الفنية والتقنية وتطوير مباني المحاكم. وقبل صدور موافقة خادم الحرمين الشريفين على نظام القضاء موضوع المقال، أصدر الملك أوامر بتأسيس مكاتب نسائية في المحاكم الشرعية وغيرها لاستقبال النساء وإنهاء إجراءات شؤونهن بيُسر في غضون سنة من صدور الأوامر الملكية، ولكن وزارة العدل لم تنفذ هذا الأمر حتى يومنا هذا. ويتساءل الكثير من الناس عن مدى تنفيذ وزارة العدل لكل ما تضمّنه مشروع تطوير القضاء في استقطاب القضاة وكتاب العدل المؤهلين تأهيلاً شرعياً وقانونياً وتنظيمياً ومسلكياً، كماً وكيفاً لحل مشاكل تأخر القضايا لعدة سنوات، وهل طوّرت وزارة العدل كفاءة الإداريين في إنجاز الأعمال الإدارية تقنياً وتنظيمياً، وهل نظمت دورات للقضاة وكتاب العدل والإداريين في العلاقات العامة وحُسن التعامل مع الناس، وهل تحقق هدف المشروع في إنهاء قضايا الناس دون تأخير، وهل لدى قيادات الوزارة علم بما تعانيه جماهير الناس في مناطق المملكة لمضي سنوات على قضاياهم دون البتّ فيها، مثال ذلك منطقة الأحساء ذات الكثافة السكانية الهائلة والاتساع الجغرافي، حيث يعاني الناس معاناة شديدة من قلة القضاة وتأخر البتّ في قضاياهم. زرت محكمة الأحساء منذ أسابيع أثناء زيارتي للمنطقة، وكدت أسقط نتيجة التزاحم الشديد للمراجعين وحينما صعدت الى الطابق الأول راعني ضخامة اعدادهم وسألت من حولي فأجابوني بأنهم يأتون بعد صلاة الفجر من المدن والقرى والهجر البعيدة حتى يحصلوا على موعد للوصول للقضاة لعرض قضاياهم وأحياناً يعودون من حيث أتوا بخفي حنين، فسألت عن القضاة فقالوا قلة قليلة ودوامهم قصير جداً لا يتجاوز ساعتين الى ثلاث، فدخلت غرفة أحد القضاة للسلام على فضيلته، فرثيت لحاله ولحال المراجعين المتزاحمين في انتظار دورهم، وخرجت بنتيجة واحدة هي أن وزارة العدل المسؤولة عن محاكم الدرجة الأولى مشغولة بتطوير المقر المركزي وبالنشر الإعلامي، دون الاهتمام بتطوير المحاكم بالمناطق ومنها الأحساء، ومن الرأي تطوير فروع للوزارة في مناطق البلاد ومنحها الصلاحيات لتطوير محاكمها والابتعاد عن المركزية الإدارية الجامدة.