أجرت شركة بوز الاستشارية العالمية دراسة حول الشباب في منطقة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أسمتها « الشباب في دول مجلس التعاون.. مواجهة التحدي»، والتزمت الدراسة في تعريفها للشباب بالتعريف الدولي الذي يحدد الشباب بأنهم أصحاب الفئة العمرية التي تتراوح بين سن الخامسة عشرة والرابعة والعشرين وهذه الفئة تشكل في المملكة العربية السعودية قرابة خُمس عدد السكان، طرحت الشركة ضمن دراستها استفتاء على مجموعة من الشباب من الجنسين في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر حول أهم القضايا التي يرون أنها تواجه دول الخليج أو تواجههم شخصياً. نتائج الدراسة جاءت في تقرير مفصل نشرته الشركة وتفضل بتزويدي بنسخة منه سمو الأمير الصديق محمد بن خالد العبدالله الفيصل، ولقد حاولت أن أختصر أهم النتائج وأن أجمع بين الردود التي أجابت على الأسئلة من منظور وطني مع الإجابات من المنظور الشخصي وذلك بهدف التركيز واستخلاص أهم الأفكار.. ولا غرابة إذا وجدنا أن قضية البطالة قد استحوذت على المركز الأول في اهتمامات الشباب حيث اعتبر 87% من المشاركين أنها المعضلة الأولى التي تواجه المنطقة، في المرتبة الثانية وبنسبة 67% جاءت قضية التعليم وأهمية إيجاد مجتمع متعلم ودولة حديثة متطورة تقنياً، ثم جاءت القضايا اللاحقة بنسب متقاربة تتراوح بين 65% و62%، كانت القضية الثالثة هي ضرورة إيجاد فرص اقتصادية للشباب ووضع برامج لمساعدة من يتطلع منهم إلى تأسيس نشاط شخصي ودعمهم فكرياً ومادياً، ثم كانت الرابعة هي ضرورة إتاحة المجال للشباب للمشاركة في صنع القرارات السياسية الوطنية وكانت القضية الخامسة ارتفاع تكاليف المعيشة. هذه النتائج تدل على أن فئة الشباب في بلادنا فئة ناضجة وواعية وأنها ليست غافلة عن قضايا المجتمع واهتماماته بل إنها تمثل تجسيداً حياً لتلك الهموم والتحديات فمن يمكن أن يكون أكثر اهتماماً من الشباب بقضايا البطالة والتعليم وغلاء المعيشة وإيجاد فرص النشاط الاقتصادي؟ ومن يمكن أن يكون أحق منهم بالمشاركة في صناعة القرار خاصة وأنهم الذين سوف يواجهون آثاره ويعايشون تبعاته لعشرات السنين المستقبلية؟ أتمنى أن تحظى هذه الدراسة وغيرها باهتمام المسئولين في رعاية الشباب وأرجوهم أن يثبتوا لنا أن رعاية الشباب لا تقتصر على رعاية كرة القدم التي حققنا فيها الإخفاق تلو الآخر، وأن ينظروا إلى وضع إستراتيجية شاملة للشباب تعنى بمحاور التعليم والتوظيف والفرص الاقتصادية والمشاركة السياسية، وأن تأتي هذه الاستراتيجية استباقية فالأحداث من حولنا قد أظهرت أن تغلغل الإحباط وفقدان الأمل في نفوس الشباب يمكن أن تكون له نتائج كارثية. الشباب أسمعونا أصواتهم.. فهل نحن منتبهون؟!