أتفهم ضيق البعض وتذمرهم وشكواهم من تطبيق نظام (ساهر) القائم على رصد مخالفات السير ومن ثم تغريم مرتكبيها مبالغ مالية عقوبة على تلك المخالفات، وأتفهم صراخهم وشتمهم ولعنهم ل(ساهر) في كل مجلس وفي كل إدارة عمل وفي الجامعة وفي الشارع وحتى عبر شريط الرسائل الإلكترونية في القنوات الفضائية! وأتفهم تصفيقهم وفرحهم بكل حادثة اعتداء على سيارات (ساهر)، وترويجهم للنكت وعبارات السخرية على هذا النظام أو ترويجهم للإشاعات حول إلغاء النظام وما شابه ذلك مما يصب في خانة أمانيهم. أتفهم كل ذلك لأن من اعتاد على الفوضى وعدم الالتزام بالأنظمة والأداب العامة في جل أمور حياته سيضيق به الحال، وهو يجبر نفسه على الالتزام بما يحفظ للناس حقهم في السير في الطرقات بأمان، ويحفظ أرواحهم من تجاوزات من هم على شاكلته من الفوضويين، الذين اعتادوا على دهس الأنظمة بأرجلهم قبل عجلات سياراتهم. ولعلي أيضا أتفهم غضب وشكوى من ليسوا من فئة الفوضويين ولكن حجم العقوبة المالية التي فرضت عليهم جراء جهلهم بالنظام أو عدم وعيهم بآلية الغرامات، مما حدا بهم للتذمر والشكوى من هذا النظام، لكنني لا أجد أي مبرر لبعض الدعاة والإعلاميين كتابا وصحفيين أن يصطفوا مع الفوضويين ويستسلموا لضغوطهم ليشكوا مثلهم من (ساهر) مع أنهم إلى وقت ليس ببعيد كانوا يشكون من أرقام قتلى الحوادث المرتفعة جدا، ويطالبون الدولة بسن قوانين تحد من عبث المستهترين بأرواح الناس. وليت شكوى الإعلامي أو الداعية كانت من حيث المكان كحال أولئك الفوضويين، بمعنى أنها كانت في مجلس أو مكتب أو في مطعم بل هي مسطرة في صحيفة يقرأها الآلاف أو مذاعة في برنامج فتاوى عبر قنوات لها حضور واسع وكبير، ومما سمعت وقرأت في هذا الجانب أن حديث الداعية ورأي الإعلامي لم يكن إلا استجابة لسؤال على الهواء مباشرة أو لتواصل عبر البريد الإلكتروني وفي كلا الحالتين كان العنوان الأبرز هو شكوى من هذا النظام، وبالتالي يستجيب الداعية والكاتب الصحفي لرغبة أولئك الفوضويين ليهاجم (ساهر) دون تفصيل في المسألة، بل بعضهم طالب بوقفه فورا وكأنه يقول ليس مهما نسبة الحوادث والوفيات والإصابات التي انخفضت بشكل كبير بعد تطبيق هذا النظام، بل المهم ألا يدفع فلان وعلان من الفوضويين غرامة مالية جراء مخالفتهم نظام السير والسرعة، ومن ثم يسجل لهذا الداعية أو ذاك الكاتب أنه (غسل) أو (مرمط) أو (مسح) ب"ساهر" الأرض! ولهذا لا أظن أنه من المقبول أن يعزز داعية أو إعلامي رأي من لا يحبذون الأنظمة ولا يرغبون في أن يلتزموا بما يحفظ لنا أمننا وأماننا حتى وإن كانوا أكثرية، ثم إن نظام (ساهر) كأي نظام قابل للمراجعة والتعديل لكن حالة التحريض على (ساهر) سلوك لا يقبل من العوام، وبالتالي لا يقبل البتة ممن يفترض فيهم قيادة الرأي العام، ولست أدري ما إذا كان حادث الاعتداء على سيارة (ساهر) في القويعية الأسبوع الماضي والذي نجم عنه احتراق وتفحم المواطن الذي يعمل على تلك السيارة أمر مقبول لدى أولئك الذين ما انفكوا يهاجمون هذا النظام؟