قضية جنائية بحتة، هكذا أنظر إلى قتل موظف «ساهر» رحمه الله وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان، وهكذا أنظر إلى الاعتداء بطريقة إرهابية تمارسها عادة العصابات على الموظف الحكومي في هيئة الأمر بالمعروف الذي رميت عليه عبوة حارقة. ارتفاع حدة النقاش حول «ساهر» بسبب الجريمة، يأخذ عند البعض منحى بعيداً عن القضية، وكذا الأمر عند الحديث عن قضية موظف الهيئة، فلا يوجد أي مبرر مهما كبر أو صغر لاستخدام العنف، والإفساد في الأرض، وإزهاق الأرواح، وإيذاء الأجساد، خصوصاً أن هناك مراجع أعلى دائماً يمكن الشكوى لها، وهناك أبواب مفتوحة على جميع مستويات الحكام الإداريين للمناطق، وصولاً إلى أبواب المقام السامي، مروراً بأبواب المظالم والقضاء. إطلاق نار في طريق عام على موظف «غلبان» وقتله، وإحراق سيارة هي مال مملوك له حرمة، وانفجار خزان وقود، كان يمكن أن يعرض المارة وقوافل الحجيج العائدة براً للخطر، هو جناية يجب أن تناقش من هذا الباب فقط، ومن أبواب الحصول على السلاح، واستخدامه بهذا الاستهتار. ورمي عبوة حارقة على موظف حكومي، إنسان قبل ذلك آمن، أيضاً نوع من الإرهاب، لا تبرره مظلمة إن وجدت، ولا يفيد معه إلا تعزير شديد، لأنه أيضاً أسلوب همجي، ووحشية غير مقبولة. رفع حدة النقاش عن «ساهر» على خلفية هذه الجريمة خطأ اتصالي من وجهة نظري، لأنه يبتعد بالرأي العام عن قضية القتل، ويقارب قضية مفتوحة ونقاشها مفتوح مع المرور، وقابلة للتعديل، وأيضاً مناقشة بعض تجاوزات موظفي الهيئة على خلفية حرق أحد منسوبيها سيكون خطأ بالقدر نفسه، وأتمنى على متحدثي الجهة الأمنية، والهيئة، الاكتفاء بما قالوه، وبتوعدهم الذي نأمل أن يتحقق للجناة، لحين إعلان القبض على أي منهما قريباً بإذن الله. نقطة أخرى ربما يكون نقاشها بشكل خاص مهماً بين مسؤولين أو قادة رأي، وهي أن البعض من عامة الناس ينظر إلى من يتحدث أو يكتب في الإعلام بصبغة شبه رسمية، فهم يعتقدون أن كل داعية أو شيخ له صفة رسمية، وأن كل كاتب رأي يعبِّر عن رأي رسمي، وربما هذا ليس مؤثراً في هاتين الجريمتين تحديداً، لكنه مع الوقت، ربما يصنع في ذهنية جمعية لفئة من الناس انطباعاً بالعداء لجهات أو أشخاص أو أنظمة. الشركة المنفِّذة ل «ساهر» تعمل بعقد حكومي، وموظف الهيئة يعمل في جهة حكومية، والاعتداء عليهما اعتداء على أمننا وأماننا وعلينا جميعاً، فلنناقش «ساهر» ومسؤوليه من دون الربط من قريب أو بعيد بما حدث، وكذا نفعل مع الهيئة، وفاء لدم إنسان بريء، وتبريداً لحروق وجروح إنسان آخر. [email protected] twitter | @mohamdalyami