ربما لاعب فريق النصر حسين عبدالغني يستحق؛ فقد نال شهرة واسعة مضافة لشهرته في عالم كرة القدم، ولكن القصة وإن زادت الشهرة إلا أن ناقليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي مزجوها بحوار فكاهي مشوب باستهزاء وسخرية تجعل المرء يعيش لحظة تمثّل القول الحكيم "شر البلية مايضحك"، لا أزعم أنني متابعة جيدة للرياضة، ولكن إشباعاً لدافع حب الاستطلاع، أجبرني غضب الشيخ على اللاعب ومطالبته بالاعتزال أن أتابع مباراة حديثة بين النصر والشباب، وكان حسين عبدالغني يلعب فيها، فوجدت اللاعب ممتازاً في الملعب، وهو يركض كما ذكر المعبر ولكنه يركض «على سنع» يعني لاعباً أراه يتمتع بصفات لياقة عالية ففي أشهر قصص الدجل والخرافة، المنتشرة هذه الأيام بفضل معبري الأحلام حكاية نشرتها جريدة الحياة للدكتور يوسف المنصور في رده على متصلة استفسرت عن رؤياها في برنامج «تفسير الأحلام» على إذاعة mbc fm ، ليأتي تعبيره أغرب من أساطير الخيال! "وكانت المتصلة طرحت رؤياها التي روتها للمفسر بأنها عقدت قرانها على لاعب كرة قدم شهير ولمدة عامين دون أن تذكر اسمه، مبينه أنها عقدت قرانها منذ أربع سنوات دون أن تنهي مراسم الزواج حتى الآن، إلا أن المفسر أصر على معرفة اللاعب الذي تزوجها في الحلم، فأجابت بأنه « اللاعب حسين عبدالغني»، فأتبع المفسر بسؤال آخر عن عمرها فقالت إنها تبلغ ال(32) فشرع المنصور في تفسير الرؤيا، قائلاً: «إذا صدقت رؤياك فأنتِ بلغتِ مرحلة متقدمة من العمر دون أن تتزوجي، وهو الأمر الذي ينطبق على حسين عبدالغني في ممارسته لكرة القدم، فهو ما زال يركض في الملاعب على رغم تقدمه في السن، وهو يعتبر لاعباً متأخراً في الملاعب نظراً لسنّه وهذا يرتبط بشكل واضح برؤياك في عقد قرانك عليه، لذا يبدو أن زواجك لن يتم إلا في حال أعلن حسين عبدالغني اعتزاله كرة القدم بشكل نهائي".. ملاحظة :اعتزال نهائي وليس "نص كم"!! إذاً لتفتش المرأة -! إن كان المعطى سليماً- عن أي لاعب أطال المكوث في الملاعب، الملاعب طبعاً فقط وليس المناصب، فربما كان سبباً لعنوسة إحداهن، كحل لمشكلة العنوسة الوهمية، وطالما نحن في دائرة الوهم فليكن المعطى والنتيجة وهماً في وهم! لا أزعم أنني متابعة جيدة للرياضة، ولكن إشباعاً لدافع حب الاستطلاع، أجبرني غضب الشيخ على اللاعب ومطالبته بالاعتزال أن أتابع مباراة حديثة بين النصر والشباب، وكان حسين عبدالغني يلعب فيها، فوجدت اللاعب ممتازاً في الملعب، وهو يركض كما ذكر المعبر ولكنه يركض "على سنع" يعني لاعباً أراه يتمتع بصفات لياقة عالية، ولديه مواهب فن المراوغة ونقل الكرة بامتياز، ولا أدري لمَ وجّه المعبر باعتزاله مع أنه لازال في أوج قدراته؟! يبدو أن الشيخ يشجع النادي الأهلي الذي تركه اللاعب منتقلاً للنصر، أو أن هذا اللاعب سجل أهدافاً في ناديه المفضل فاستشاط غضبا عند سماع اسمه، وكال له تهمة إيقاف حظ المرأة في الزواج وجعله معلقاً. المهم أن المعبر ربط بين زواج وعنوسة الفتاة، وبين استمرار حسين عبدالغني في الملاعب واعتزاله، وليس أي اعتزال ،بل بشكل نهائي! وهو في الحقيقة ربطٌ غريب لايمكن إلا أن يثير الضحك للعاقلين، ويعيد حسابات الاحتكام للعقل للمتمسكين بسماع الوهم والدجل من المعبرين، فيستعيدوا وعيهم الذي اختطفه هؤلاء لدنيا يصيبونها من برامج يتآلب معدوها لنهب جيوبهم. طبعاً هذا المعبر يعدّ واحد في قافلة من يشتري وعي الأفراد بدراهم معدودة، ولأجلها يجري الاتفاق على تغييب الوعي بين الجهات ذات العلاقة " القنوات الإذاعية والتلفزيونية، والمعبر البهلواني بحديثه، صاحب الكرامات الغيبية التي لاينفتح سقفها إلا له، والوسيط المستفيد "شركات الاتصالات" والتي تبتغي ثلاثين وادياً من الذهب لا ثلاثة، ولايملأ فمها إلا التراب، فالأطراف الثلاثة تشترك في الفائدة، أما المتصل "الغلبان" فهو يدفعها مقسمة بينهم، نظير تأجير عقله ووعيه ليتم حشوه بالخرافة والدجل والخزعبلات، وهو إذ يتصل على مراكز الدجل يرجو إما دفعاً لمكروه رآه في منامه، أو جلبَ محبوبٍ أسعده في أحلامه، ولكن الدفع والجلب لابد ليتحققا أن يبصم على تأكيدهما هذا الجالس على الهواء معبّرا ومنقذاً ومحققاً للأحلام تدعمه قوتان عن يمينه ويساره. لاأطمح بمطالبة القنوات، ولا طبعا شركات الاتصالات المجبولة على ابتكار أنظمة تدبل ثرواتها أن تكف عن تغييب العقل، فلا أمل فيما لا أمل منه، لكنني أستنكر سكوت أهل الصلاح والدين، بل ودفاع بعضهم عن استمرار مسلسل الدجل ونشر الخرافة والخزعبلات، وهم يعلمون أن التعلق بغير الله في رجاء أمر، أو دفع ضرّ هو الشرك بعينه، إذ يمس عقيدة المؤمن بالله ويشكك في قادر سواه على كشف الغيب ومعرفة المستقبل الذي يتم التلاعب حوله بجملة "والله أعلم" الجملة الختامية التي تظهر الإيمان باللسان، فأين منه إيمان الجنان؟!! لايمكن أن يكون المرء مؤمناً بحقيقة النفع والضر لله ويتمسك بهذه البرامج التي لاتتطلب أكثر من مهرج يتأسلم ويتمشيخ بلحية طبعاً، ومنطق أعوج يقابل متصليه بأسئلة التجهيل وغرس الوهم، كالسؤال عن العمر والحالة الاجتماعية، لتترى التفسيرات شبه الموحدة : فإما أن المتحدث أعزب ورؤياه تبشر بزواج، أو بأولاد إن كان متزوجاً، هذا إن كان المعبر متفائلاً،أما إن جاء متشائماً فسيرمي بوهم الحسد والسحر على هذا المتعلق بسراب الوهم فيملأ حياته بالظنون والشك في أقرب الناس له. ورغم أن تلك البرامج تحظى بمكالمات من الجنسين إلا أن الملاحِظ - ولا تسألوني عن واقع دراسة لأنني أنقل ملاحظاتي فقط وليس هناك دراسة حول هذا الموضوع المسكوت عنه بتخريج ديني- يرى أن أكثر الاتصالات على هذه البرامج نسوية، وليس ذلك بغريب؛ فكلما كان الخناق أضيق على الشخص، ودائرة الاعتقال أوسع كان البحث عن المفر أكبر، فالتضييق على النساء يجعل البحث عن المخلِّص - ولو بالوهم- من قائمة السجانين وتكالب القيود أكثر، كونهن يحلمن يوماً بفك قيد، أو فتح باب معتقل أحد سجون الضمير والحق والإنسانية. ولكي يؤتي مسلسل الدجل أكله تقوم القنوات باستقطاب معبر ذي قوة "دفع رباعية" على رأي الكاتب الزميل قينان الغامدي فيكون"الشيخ، الدكتور، الراقي، ومفسر الأحلام"، يستهل طاقم هذه الأوصاف لقب "شيخ" لبث الهيبة الدينية التي تجعل المرء يسلّم بلا تفكير، كخصوصية تقديرية تؤصل لهيبة محصنّة عن الانتقاد. كان مقال الزميل قينان بمناسبة إعلان الشيخ يوسف الحارثي افتتاح أكاديمية لتفسير الأحلام تضم 800 دارس وتمنح درجة الدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه، وقد تمنى قينان في مقاله "جامعة (الرقية وتفسير الأحلام): ثروة لا تنضب" أن يقوم يوسف الحارثي برقية من لايرى رؤى في منامه والنفث عليه حتى "يفك عقدته ليحلم كل ليلة، وهكذا تتسع دائرة الرزق.."، وتتحول الأكاديمية "المزدوجة" إلى بقرة حلوب أو ناقة مباركة, ف"الوهم ثروة لا تنضب" وعند سؤال الحارثي إذا ما كان يشعر بالحرج من إعلانه تأسيس أكاديمية للأحلام، أجاب "هذا علم من علوم الشريعة، ومن يعترض على ثقافة تأويل الأحلام هم إما من العوام، وإما من طلبة العلم الشرعي غير المتخصصين في هذا الفن". اعذرنا يادكتور فنحن من العوام ولكننا نسألك ما العلم الذي ستعتمد عليه هذه الجامعة ؟ وما المنهجية التي ستقوم علومها عليه، وهل ستعتمد منهج الشك الديكارتي كون التكهنات والتخرصات والتمسك بالغيبيات والتغييب عن الواقع هي مكونات هذا العلم الرمزي، الذي يعتمد على مشاهدات النائم التي تسرح وتمرح وتختلط بالأماني ومشكلات الحياة، أم أنك تنوي دمجاً بين العلوم وتشابكاً يدخل العلم التجريبي بمنطق التخرص والوهم فتنتج منهجية جديدة لم يسبقك لها أحد؟!! كيف لعلم لايستطيع أن يعمم محتواه، ويؤصل لأساساته، ولا يمسك فيه بطرف أن تخصَّص له أكاديمية؟! وما مصير الدروس التطبيقية للدارس في كلية ذات علوم زئبقية لاتكاد تتفق لا على منهج، ولا طريقة، ولا حتى يستقيم بها مجرى السؤال؟! ما الفرق بين هذا الدجل وقراءة الطالع والفنجان، إنها واحدة المضمون متحدة الهدف، وما كانت قصة رؤيا يوسف عليه السلام إلا تحقيقاً لهدف إلهي،ألهمه الله لنبيه، وهو محض إلهام إلهي لايمكن أن تطبق عليه قوانين علمية ممنهجة وموضوعية. كأحد أجمل التعليقات الفكاهية على حكاية المعبر المنصور واعتزال حسين عبدالغني هذا التعليق: "طيب لو اعتزل بعدين رجع يلعب اش راح يصير للبنت تتطلق وتستنا لما يعتزل ثاني، طيب لو جاته إصابه وطول اعتزاله نسيبها تعنس ولا تشوف لها حلم ثاني" هذا التعليق بالضبط يكاشف العقل باشتداد حالة الوهم التي يسعى سدنتها لأسْر الناس داخلها بانتظار وهم المخلّص من تراكماتهم النفسية، فيتحكم بهم أهواء قوم قد ضلوا فأضلوا. أخيراً: هناك مثل شعبي يصدر من الحس ويصدّقه العقل هو" حلوم أهل نجد حديث قلوبهم" فليت الجميع يطبّقه على منطقته لتنتهي لعبة المهرجين والمنتفعين من الجيوب على حساب عقول أهلها..