سلمان بن عبدالعزيز .. ويكفي أن نقول الاسم مجرداً من الألقاب ، والتقديمات فهو وهج كما وهج الكواكب المضيئة. هذا رجل استثنائي في عظمته ، في حضوره ، في تحمّله وصبره ومواجهاته ، يشبه إلى أبعد حدود الشبه الرجل العظيم مؤسس الكيان ، والجغرافيا ، وصانع الإرث الملك عبدالعزيز - رحمه الله - يشبهه وهو خرّيج مدرسته ، في صلابته ، وإيماناته ، وقوة عزائمه ، وقدرته المتميزة على مواجهة المشكلات ، والمتاعب ، والإرهاق النفسي ، وحكمته في المعالجات ، والمواجهات ، وتوطين الأمل في داخله لينطلق من خلاله عصياً على الانكسارات ، والهزائم ، متجاوزاً كل أوجاع صنعتها الأقدار ، منشغلاً بهمّ الكيان ، والإنسان ، متضامناً مع الطموح ، ورؤى صناعة المستقبل ، لأنه رجل حُكْم من طراز نادر جداً ، وحاكم يحمل همّ وهواجس الوطن ، وتطويره ، وتحديثه ، وما يتصل برفاه ، وسعادة ، وتألق الإنسان ، وما يدخل في قضايا الدولة ، وتوازنات القوة ، وقوة التأثير . خفنا على سلمان كثيراً ، حملناه هماً ، وأملًا في قلوبنا ، ومشاعرنا ، وخشينا عليه من تأثيرات الوجع ، وتراكمات الحزن ، وحدة الانكسار ، فالرجل قيمة كبيرة للوطن ، ومحط أمل لدى كل الطيف الاجتماعي من الماء إلى الماء ، هو واحد ممن يمتلكون الشجاعة ، والجرأة ، وتفوّق التعامل مع كل الظروف ، والأنواء ، والمناخات للوصول بمراكب الأمل ، والطموح إلى شواطىء آمنة ، ودافئة ، ومبهرة في كل نتائج عطاءاتها ، وهو رجل يسكنه هم المحافظة على الإرث الحضاري ، والسياسي ، معجون بتراب الصحارى الشاسعة والواسعة في هذا الامتداد المتنوع في تكويناته ، وتضاريسه البشرية ، والجغرافية ، مغسول بحب كبير يحمله للناس ، ويحمله الناس له بصدق تفرضه كيمياء الأرواح ، وكاريزما الشخصية المتآلفة والمُحبة ، والتعامل بصدق مع كل الشرائح الاجتماعية في كل شأن من شؤونهم الحياتية ، والشخصية . خفنا على سلمان بشكل رهيب ، ووضعنا أكفنا فوق قلوبنا ، وراقبنا حضوره باهتمام في فضاء الشأن العام ، وتواجده في مساحات التفكير ، والعطاء ، والإنتاج ، وحياة الوطن والإنسان ، فقد نبت الحزن في مساره الحياتي بصورة تراجيدية ، فقد صديقه وتلميذه فيصل بن فهد ، ثم فهد بن سلمان ، وبعد سنة فقد أحمد بن سلمان ، ثم الملك فهد بن عبدالعزيز ، الذي عاش سلمان معه صانع قرار ، وأمين مرحلة ، كما هو مع الكثير من إخوانه الملوك ، ثم فقد رفيقة عمره ودربه أم فهد بن سلمان ، ثم شقيقه وتوأم روحه سلطان بن عبدالعزيز . حزن يُراكم حزناً ، وتفتت ينتج تفتتاً يجتاح الروح ، والمشاعر ، والفكر ، ويحوّل الذات إلى حالة ضعف . غير أن سلمان بن عبدالعزيز ، الفارس ، والمؤمن ، يعالج أحزانه ، ويتكىء على جراحه ، ويخفي همومه ، ويلتفت سريعاً إلى أدواره ، ومهامه ، وواجباته تجاه الإرث ، والكيان ، والإنسان ، ويجعل الحزن حالة خاصة ، وقوتاً ذاتياً يقتاته ليحوله إلى قوّة ينطلق من خلالها إلى الاستشراف ، والبذل ، والتماهي مع المنجز الحضاري والتنموي للوطن والإنسان . فسلمان رجل دولة ، وفكر ، ومحصن بثقافة واسعة ، وهذه مقومات أدوات رجالات صناعة التاريخ . سلمان ، نشاركك الحزن ، ونحملك في دواخلنا شهاباً مضيئاً ينير المسالك ، والدروب ، فأنت رجل كل المراحل .