قال وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية في مؤتمر الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة إن السجون فشلت كمؤسسة عقابية، وإنها تفرخ مزيداً من السلوك الإجرامي، وأضاف أن الإصلاحيات لم تثبت فاعليتها في تقويم المنحرفين كونها مدرسة لتعليم الشر، يدخلها الإنسان لارتكابه جرماً صغيراً فيتعلم جرائم كبرى وتنمو فيه مشاعر الحقد والكراهية. وقد اتفق مدير عام السجون مع القول السابق حين أكد أن الثقافة التي يخرج بها السجين ليست على ما يرام مهما بذل من البرامج الإصلاحية، داعياً لاعتماد العقوبات البديلة، بينما ذهب المستشار الخاص لوزير الداخلية الدكتور ساعد العرابي الحارثي بعيداً في طرحه حين قال إنه في حال كان السجن مكاناً لصناعة الجريمة فيجب أن تغلق السجون.. هل كنا لا نعرف هذه الحقائق ونشاهدها ونعيشها من قبل؟؟. بلى كنا نعرف كل شيء عن السجون والإصلاحيات، وإذا تحدثنا عن الإصلاحيات تحديداً فإنها كانت وما زالت إلى أن يتخذ قرار بشأنها من أكبر الجنايات التي ارتكبناها بحق الأحداث الذين خرج معظمهم منها مجرمين عتاولة.. لم يكن مبدأ هذه الإصلاحيات ولا أنظمتها أو ما يجري فيها يتفق مع أبسط مفاهيم حقوق الإنسان، بل إنها كانت جريمة بحق الأحداث والمجتمع والإنسانية عموماً.. أما السجون فإن أوضاعها لا تخفى على أحد، يختلط فيها الحابل بالنابل، والمجرم العتيد مع صاحب الجناية أو المخالفة البسيطة، أوضاعها الصحية والاجتماعية والتنظيمية تجعلها مأساة حقيقية يخرج منها الناقمون والمسحوقون نفسيا واليائسون من الحياة. العقوبة النظامية على أي جناية ليس معناها تحطيم حياة من ارتكبها، ومرتكب الجريمة يختلف عن مقترف الجناية، وذو النزعة الإجرامية المتأصلة يختلف عن الشخص الذي أخطأ بسبب ظروف نفسية أو اجتماعية قاهرة.. أجزم أن مؤتمر العقوبات البديلة من أهم المؤتمرات التي فكرنا فيها، ولكن نتمنى أن تتحول توصياته إلى قرارات، وألا يبدأ فريق الجدل والمماحكة في محاولة تعطيلها إذا صدرت..