شرًع المنظم منذ القدم ( السجن) وهو: حبس الحرية من أقسى العقوبات التي تؤلم الإنسان ، فقد عرف المجرم هذه العقوبة من زمن قديم كنوع من أنواع العقوبات التي اختلف أهل التاريخ في تحديد بدايتها، حيث يعاقب الإنسان على جريمة اقترفها في حق شخص بعينه أو مجموعة أشخاص أو اقترفها في حق المجتمع الذي يعيش في وسطه بالسجن والعزلة عن الناس. ولكن هذه العقوبة أخذت حيزها من التطوير مع تغير نظرة المجتمع للمجرم أو صاحب السلوك السيئ ليصبح دور السجن إصلاح ذلك الفرد وتعزيز مفهوم الانضباط و تقويم سلوكه وليس مجرد العقوبة ليعود إلى مجتمعه عضواً صالحاً يسهم فيه بالتطوير و التقدم. وسعت الحكومات إلى وضع البرامج الإصلاحية والتعليمية و الحرفية التي تؤهل السجين لأن يخوض صراع الحياة بنزاهة و استقامة بعيداً عن الأسلوب الإجرامي فأوجدت داخل السجن المدارس المعترف بها من قبل الدولة و معاهد التدريب المهنية و بأسماء لا تدل على كونها معقودة داخل السجن حتى لا تلاحق السجين نظرة الدونية و ليتمكن حاملها من الانخراط في مجتمع صالح.إن ما تقوم به الدولة من جهود مضنية في سبيل تحقيق صلاح السجين و استقامته كبيرة جداً فقد أوجدت كل الطرق الممكنة ليدرك المجرم جسامة إفراطه في حق وطنه ويخرج من دور الإصلاح وهو أهل ليلتحم بكل من حوله من الناس. وعندما تبحث عن العقوبة المناطة بالمجرم تجد بأن عقوبة السجن في حد ذاتها تحتاج إلى إعادة نظر- في بعض الأحيان-لاستصلاح الفرد ولما يترتب على ذلك من مخاطر وآثار قد تجر بصاحبها للعودة إلى سراديب الجريمة. فقد سمعنا بأن بعض الدول الغربية أخذت في عقوبة السجن منحى آخر من الحبس في منزل المتهم ووضع الرقابة العالية عليه لعدم مغادرته.....الخ لست أتكلم هنا بصدد الحديث عن أنواع السجن ولكن أود لفت النظر إلى أن السجن ليس العقوبة الوحيدة الحتمية على كل من ارتكب أي جريمة و ما سمعناه في الآونة الأخيرة من عقوبات بحق بعض المتهمين كحفظ أجزاء من القرآن الكريم أو تنظيف المدارس دليل واضح على رغبة أصحاب الفضيلة القضاة من إيقاع عقوبات بديلة مثل: الحكم بأعمال يقوم بها المحكوم عليهم تهدف إلى خدمة المجتمع وتقويم سلوكياتهم وكان آخرها ما صدر بحق احدهم من كتابة بحث عن خطر الجرم الذي اقترفه أو حفظ أجزاء من القرآن الكريم فمثل هذه العقوبات التي تخدم الصالح العام قبل المتهم هي في الحقيقة تحمل النفع الكثير ويحصل بها الفائدة المرجوة من تقديم المتهم للمحاكمة.