يعمل محمد مجرد حامل لأثقال المسافرين من بهو الفندق وإليه عندما يدخلون أو يغادرون الفندق العاصمي في قلب الرياض. وفي منتصف العشرين من العمر، يبدو محمد مثل يعمل محمد مجرد حامل لأثقال المسافرين من بهو الفندق وإليه عندما يدخلون أو يغادرون الفندق العاصمي في قلب الرياض. وفي منتصف العشرين من العمر، يبدو محمد مثل نصب تذكاري مجمد على سوءاتنا لمن هم في ظروفه علما أو قدرة على أن يتصدى لما هو أكثر من حامل حقائب. نحن نشترط حتى لوظيفة الجندي الحاف شهادة الثانوية بينما يبدو محمد مثل الآلاف الذين هم أدنى من هذه المرحلة بشهادة أو شهادتين وقد لا يكون العمر أو الطموح مناسبا لإكمال هذه الشهادة التي لا تتجاوز في عالم اليوم قيمتها الورقية. نحن مثل من يقول لمحمد وللآلاف ممن هم مثله أن عليهم مجرد الانتظار الطويل حتى بلوغ الستين كي يستكمل شرط الحصول على إعانة الضمان الاجتماعي لأن هذه الإعانة وحدها هي المتاح التلقائي الذي لا يتطلب بعد طول العمر من شروط. والهزة الكبرى التي أحدثها محمد في عاطفتي لم تكن فحسب أنها المرة الأولى التي أقرأ فيها اسما ببطاقة سعودية تحمل الحقائب، ولكنها كيف يستطيع أن يعبر كل السنين القادمة من العقود الطويلة نحو الستين كي يتقاعد كحامل حقائب. والسؤال: ما هو مستقبل مثل ظروف هذا الشاب، وهم بالآلاف من الهدر الدراسي ما قبل شهادة الثانوية العامة، إذا ما عرفنا أن هذه الشهادة أصبحت أدنى المطالب لأدنى الوظائف العامة في جهاز الدولة. حتى وظائف شركات الأمن والحراسات باتت تشترط الثانوية العامة ويدخل حاملوها إلى باب المفاضلة. وتقول بعض الإحصاءات التي لست متأكدا منها أن بيننا ما يناهز المئتي ألف شاب من الذين تركوا مقاعد الدراسة قبل الحصول على الثانوية العامة. في المقابل، أجزم أن ملايين العمالة الوافدة لا يحملون هذه الشهادة. والجواب يكمن في قرار جريء بفتح مساحة آمنة في القطاع الخاص لا تزاحم فيها كتائب العمالة الأمية هذه الشريحة من الشباب السعودي في ظروف ابني محمد الذي ودعته مساء البارحة ونحن نشتري معا بعض حاجياتنا من البقالة المجاورة للفندق ومن يد عامل آسيوي. إنها اليد التي يجب أن تكون بالقانون لمثل ظروف محمد.