يتمتع جوهافيلانج بروح الشباب على رغم تجاوزه ال 95 من عمره، شاهدته في الجمعية العمومية للاتحاد الدولي لكرة القدم الأخيرة في زيوريخ، كان يترقب بهدوء كبير، وكان ينصت لمتحدثيه كثيراً، أما في تنقلاته فكان يتأبط يد زوجته ليحضر المراسم الرسمية وحفلات العشاء التي أقامها «الفيفا». سألت عن الفندق الذي يقيم به في زيوريخ وكان إلى جواري أحد الإعلاميين الأوروبين، فقال لي: «هل تعتقد أنه سيتحدث خلال هذه الفترة؟»، في اليوم التالي سمعني إعلامي عربي وأنا أجري الاتصالات بالفندق وأطلب الحديث إليه فقال لي بصوت خافت: «لن يتحدث خلال الفترة التي تحيط بالفيفا اتهامات الفساد»... لكني كنت أحاول تحت مبدأ القيام «بواجبي المهني» وكانت لدي بارقة أمل في أن «يوافق». بعد انقضاء الانتخابات بيومين لملمت حقائبي وغادرت الفندق وذلك للتجول قليلاً في أنحاء المدينة في انتظار رحلة الطيران التي كانت تفصلني عنها 4 ساعات. رن هاتفي المتحرك فالتقطته وكان على الطرف الثاني سكرتير الرئيس الفخري للفيفا جو هافيلانج، سألني مباغتاً: «ألا تزال في زيوريخ»، رددت بالإيجاب على رغم أنني لم أكن أعرف من معي، فعرّفني بنفسه وقال لي: إن السيد هافيلانج لديه متسع من الوقت لا يتجاوز العشر دقائق، في اليوم التالي أجبته بالموافقة من دون تردد، ورحت أجري الاتصالات يميناً ويساراً في سبيل إيجاد مقعد في رحلة مناسبة في اليوم التالي. عدت إلى الفندق وطلبت من موظفة الاستقبال أن تحجز لي الغرفة ذاتها مجدداً، فابتسمت وقالت مداعبة: «يبدو أنها جميلة جداً»، ضحكت وقلت بيني وبين نفسي: «ليس أجمل من أن تقابل الشخص الذي ترأس الفيفا 24 عاماً في هذا التوقيت بالذات». وصلت قبل الموعد بربع ساعة وأنتظرته في ردهة الفندق، وعندما خرج من المصعد كان يسير وحيداً وهو في كامل أناقته من دون أن يتوسد «عكازاً» كعادة من هم في عمره، سألني أين تريد أن نجلس أشرت إلى ركن قصي في بهو الفندق فسار إلى هناك بهدوء وانطلقنا نتحدث عن «الفيفا» فلم يرفض سؤالاً ولم يتحفظ على أي محور، تأخرت سيارته فكانت فرصة ليمتد الحوار إلى أكثر من المدة المحددة. قبل أن يضع نقطة على سطر أحاديثه أطلق تنهيدة طويلة، وقال لي: «أتمتع بعلاقة وطيدة مع العرب وما زلت أحمل الأمير فيصل بن فهد في قلبي أينما رحلت، لقد كان صديقاً عزيزاً علي». لم أطلب أن ألتقط صورة معه لأنني فضلت أن أنال وقتاً أكبر في محاورته، لكنه قبل أن يغادر التفت إلى الكاميرا التي التقطها من على الطاولة وابتسم قائلاً: «ألا تريد أن تلتقط صورة للذكرى، قم فليس أمامك وقتاً طويلاً؟».