منذ اندلاع أعمال إرهاب «القاعدة» أوائل عام 2000، وكانت نقطة التحول فيها الهجوم على أميركا، كان من الواضح أن أكبر مستفيد من عمل «القاعدة» الإرهابي بأميركا هو النظام الإيراني، وعلى حساب الثقل السعودي، وهذا ما أثبتته الأحداث منذ سقوط البرجين في نيويورك. استفادت إيران بالعراق، حيث سهلت عملية إسقاط نظام صدام حسين، ممتطية ظهر الثور الأميركي الهائج، وكذلك استفاد حليفها العلوي السوري، رغم كل الشعارات الكاذبة عن العروبة والممانعة ورفض احتلال العراق حينها، كما استفادت إيران من إسقاط نظام طالبان، بل وسهلته أيضا، ثم عادت تستغل ذلك لاحقا مثلما فعلت في العراق لضرب الأميركيين، واستفادت طهران أيضا بتوغلها في لبنان بشكل غير مسبوق، وكانت نقطة التحول اغتيال رفيق الحريري، كما سهلت إيران، وعبر حليفها السوري، انقلاب حماس في غزة، ومولته، كما استخدمت إيران «القاعدة» في كل مكان، لخدمة قضاياها، وضرب مصالح وسمعة السعودية، وترسيخ الصورة النمطية عن أن الإرهاب صنيعة سنية، وأن الإرهابيين والممولين سعوديون. وبالطبع، لعبت إيران لعبة الديمقراطية، حتى أنها انطلت على كاتب بحجم الأميركي توماس فريدمان، حيث كتب ذات مرة عن ديمقراطية إيران، ومقارنتها بالسعودية، ومن بوابة المرأة، حتى جاءت الثورة الخضراء في إيران، وحين وأدها نظام الملالي بالأسلحة والقمع، وتكشفت الحقائق، عاد الكاتب الأميركي مستدركا، وإن بعد حين. ولم تتوقف إيران عند ذلك، بل استغلت اللعبة الديمقراطية بالمنطقة، أيام الضغط الشديد الذي مارسه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش على دول المنطقة، حيث كانت قناعة أميركا أن سبب مشاكل المنطقة هو التطرف السني، وغياب الديمقراطية، وكانت إيران تتبع كل خطوة إصلاح ديمقراطية بمناطق النفوذ المحتمل لها في المنطقة، وقامت بإغراق تلك الدول بالأموال، وشراء الذمم، من أجل السيطرة على البرلمانات المنتخبة، مثل البحرين ولبنان والعراق، ويقينا في مصر، وخصوصا الإعلام، كما سعت لتدريب وتسليح بعض حلفائها في اليمن وسوريا ولبنان والعراق. كان التركيز الإيراني، طوال 10 سنوات ينصب على ضرب المصالح السعودية، وتشويه سمعتها، حتى من خلال كتب ومقالات نشرت على مستوى دولي، وبدعم من حلفاء عرب للأسف، مع تساهل إيراني واضح تجاه دخول وخروج سعوديين منتمين ل«القاعدة» للأراضي الإيرانية، وعبر سوريا، وبالطبع استضافة رموز «القاعدة» وأسرهم في إيران. وهذا ليس كل شيء، حيث قامت إيران بتعزيز فكرة الممانعة والمقاومة بالمنطقة من خلال حليفها السوري، وعميلها حزب الله، وعبر التحالف مع آخرين مثل «الإخوان المسلمين»، وبالتأكيد حماس، ومن خلال تسخير وسائل إعلام «الإخوان»، وكتابهم، وكان بعض الإعلام الخليجي شريكا في ذلك المخطط. اليوم، وبعد الكشف عن المخطط الإيراني لاغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، من خلال الاستعانة بعصابات المخدرات المكسيكية، ووسط الإدانة الدولية المتصاعدة ضد إيران، والسعي لفرض مزيد من العقوبات المؤثرة عليها، ناهيك عن التلويح بجرها لمجلس الأمن، يكون السؤال المهم هو: هل انتهى المشروع الفارسي بالمنطقة؟ أعتقد أنها بداية النهاية، خصوصا أنه مع الثورة السورية سقط كثير من الشعارات الكاذبة، واليوم تسقط أكبر كذبة، وهي الوثوق بإيران.