ممدوح المهيني - الرياض السعودية القيمة الرمزية الكبيرة التي يحملها قرار تعيين النساء في مجلس الشورى وفتح المجال لهن للترشح لانتخابات البلدية هي الإعلان الواضح دخولهن رسميا في المجال العام. بعد سنوات من التهميش أعقبه حضور واضح غير معترف به الآن تغير هذا الوضع والمرأة الآن شريك رسميا سنشاهدها قريبا تعلن حضورها في مجلس الشورى وتقدم برامجها الانتخابية. إنها لحظة تاريخية فعلا تشبه الكثير من اللحظات التاريخية الكبيرة في تاريخ شعوب أخرى. هذه المرأة الصامتة المتلفعة بالسواد التي تعرضت للظلم في الداخل وسوء الفهم في الخارج تستعيد روحها وتوهجها من جديد. لقد دخلت المرأة من أوسع الأبواب ولن يستطيع أحد الآن إخراجها من النافذة!!. صحيح أن المرأة تعرضت للتهميش ولكن هذا لا يعني أبدا أن حكمتها اختفت. في تاريخنا البعيد والقريب نعرف سيرة عدد كبير من النساء السعوديات اللاتي عرفن بالحكمة والنبل والشجاعة. وكل أحد منا يعرف في محيطه أو من خلال القصص التي يسمعها عن قصص الأمهات والجدات اللاتي لعبن الدور الرئيسي في الحفاظ على العائلة وحماية أبنائهن وبناتهم ودفعهم للنجاح. كل هذه دلائل لنساء حكيمات وصبورات وواقعيات ولسن ساذجات او ضعيفات. كلنا يعرف بعد ذلك أن الموجة المتطرفة التي ضربت المجتمع حطمت حضورها وألغت مكانتها وحاربتها في كل مكان ولكنها لم تستطع أن تقتل روحها. شهدنا في السنوات الاخيرة صعود لهذه الروح الحكيمة التي توقعنا في السابق أنها ماتت ولكننا سنرى قريبا روحها الحكيمة المتألقة تحوم في قاعة مجلس الشورى. أليس ذلك خبرا سعيدا فعلا؟! لا يهم على الأقل الآن من تمثل المرأة في المجلس الشوري او الانتخابي ولكن حضورها بعباءتها وطرحتها يجعلنا نفكر في كل النساء في الماضي اللاتي تعرضن للاجحاف والتغييب ولم تسمع أصواتهن. في المدن والقرى البعيدة النائية وكل مكان. سيعود الاعتبار رمزيا على الأقل لهؤلاء النساء عندما يشاهدهن أنفسهن يشاركهن ويسمع الكل أصواتهن من أهم الاماكن. لذلك على النساء اللاتي سيتم تعيينهن في مجلس الشورى أو يتم ترشيحهن في الانتخابات أن يفهمن أنهن لا يقمن بعمل فقط من أجل مصالحهن الشخصية أو الشهرة المجانية ولكن من أجل المجتمع ككل والنساء خصوصا. إذا كانت هناك فرصة للاقتراحات خصوصا فيما يتعلق بتعيين النساء في مجلس الشورى نتمنى أن نرى نساء يعكسن أطياف المجتمع السعودي. نتمنى أن نرى نساء من مختلف الخلفيات المهنية والفكرية. كما نتمنى أن نرى نساء بمختلف انواع الحجاب. نساء كاشفات الوجه ومنقبات أو غيرهم. قد يقول أحد إن هذه مسألة غير هامة وأنا اعتقد العكس لثلاثة أسباب. الأول أن هذا سيعكس تنوعا أوسع لمجتمع النساء والثاني لندرك أن الحجاب أو النقاب لن يؤثر على حكمنا عليها, فما ستقوم به وتقوله المرشحة -وليس ما تلبسه- هو الذي سيجعلنا نرشحها أو نسقطها. أما السبب الثالث فهو من أجل تطمين الناس الخائفين والمترددين أن هذه التغيرات تمثلنا وتعبر عنا جميعا وليس فئة محددة من الناس. يجب القول أخيرا إن قرارات تاريخية مثل هذا القرار الهام في حياتنا لا تصدر إلا من قادة كبار وتاريخيين مثل الملك عبدلله.