** منذ إقرار الملك عبد العزيز رحمه الله.. لمبدأ انتخاب المجلس الأهلي.. ومجلس الشورى.. ثم مجلس نقابة السيارات بمكة المكرمة.. والمملكة تتعطش كثيراً إلى التوسع في هذا التوجه لترسيخ قواعد ثقافة الانتخاب بين المواطنين.. ونقل البلاد من حالة إلى أخرى.. وإشراك المواطن بصورة مباشرة في إدارة شؤون بلاده.. وتحميله للمسؤولية الكاملة تجاه وطنه.. سواء كان هذا المواطن داخل وظيفة الدولة أو خارجها.. وسواء كان هذا المواطن رجلاً أو امرأة.. وسواء كان الجميع يسكنون في خيمة مزروعة في عرض الصحراء.. أو كانوا يحيون في القصور الشامخة.. بعد أن ساوت المواطنة الحقة بين الجميع.. ** واليوم.. وبعد أن أقر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز.. عضوية المرأة الكاملة في مجلس الشورى.. وفي المجالس البلدية.. وكذلك حقها في ترشيح من تراه لعضوية تلك المجالس.. فإن التفاؤل أخذ يكبر ويعظم في استمرار هذا النهج حتى يعم ويسود جميع المؤسسات الحكومية.. والأهلية.. ويصبح ثقافة طبيعية يحياها المواطنون.. ويمارسونها صباح مساء.. ويتحملون مسؤولية تبعاتها بوعي وإدراك كاملين.. كما يتحملون نتائج أي أخطاء قد تترتب عليها.. ** والحقيقة أن هذا التفاؤل له ما يبرره.. لأن طبيعة "الملك" تقوم على ثلاث ركائز هي: الثقة التامة في المواطن (أولاً) وفي قدراته وإمكاناته وسلامة وعيه. الرغبة الصادقة لديه في تحديث فكر الدولة ومنهجية العمل فيها..(ثانياً) والحرص على إشراك المواطن في تحمل مسؤولياته تجاه وطنه.. وتنميته.. والنهوض به إلى الأعلى(ثالثاً) ** وبالتالي.. فإن هذا التفاؤل لا يأتي من باب رفع سقف الأحلام والتطلعات.. ولا من باب التقليد والمحاكاة للغير.. كما أنه لا يأتي في ظل المتغيرات التي تشهدها المنطقة في الوقت الراهن.. وإنما يجيء من باب "التحديث المتوازن" والمدروس.. وفي إطار التوافق بين أجهزة السلطة ومؤسساتها وبين الشعب أيضاً. ** وما أريد قوله الآن هو: ** إن ثقافة الانتخاب باتت مطلباً حقيقياً لابد أن تعتنقه مؤسسات التعليم بدءاً بالمرحلة الابتدائية.. وانتهاء بأعلى مراتب التعليم الجامعي ومن باب أولى أن يطبق بتوسع كافٍ في مجالس الأقسام والكليات والجامعات السعودية وفق أسس ومعايير علمية.. وقواعد منظمة لهذه العملية بدقة وعناية فائقتين.. ** كما أن هذه الثقافة لابد وأن تسود جميع مجالس إدارات المؤسسات والهيئات الحكومية والأهلية.. ومن باب أولى أن تكون طاغية في مؤسسات المجتمع المدني.. لسبب بسيط هو أن هذه الثقافة لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل الممارسة.. ولا يمكن أن تنضج إلا بعد وقوع الأخطاء.. وتصحيحها.. أولاً بأول.. ومعالجتها بنفس الوعي وبنفس الرغبة في استمرارها كثقافة طليعية تؤكد على أن الناس في هذه البلاد يملكون القدرة على "حسن الاختيار" لمرشحيهم.. ** وإذا أخطأ المجتمع بعد ذلك في هذا الاختيار فإن عليه وحده أن يتحمل مسؤولية تلك الأخطاء.. وأن يدفعها من مستقبله.. وهو ما لا نتمنى حدوثه.. أو الوقوع فيه.. ** وكما قلت منذ أيام.. ** فإن الدولة تبدو جاهزة ومستعدة ومهيأة للتوسع في هذا التوجه.. فهل نبدأ كمجتمع في بلورة صنع التوافق على أساس نجاح التجربة وتجنب فشلها أو إجهاضها؟ *** ضمير مستتر [** ردات الفعل العكسية.. لأي ممارسة مستقبلية خاطئة.. ستكون مدمرة إذا فشل المجتمع في تحصين نفسه منها وتفاديها ]