** أعطى الملك عبد الله.. لليوم الوطني بعداً سياسياً.. واجتماعياً وأخلاقياً جديداً.. عندما فتح أبواب مجلس الشورى.. وجميع المجالس البلدية في المملكة أمام المرأة لتكون شريكاً حقيقياً في صنع قرارات الدولة.. وتنمية الوطن.. وإعادة بناء المؤسسات.. وتطهير المجتمع من بعض السلبيات التي عانى ويعاني منها وفي مقدمتها أشكال الفساد المختلفة.. ** فالمرأة.. ومنذ الدورة السادسة القادمة سوف تجلس خلف الرجل مباشرة.. وسوف تشارك في النقاش في جلسات المجلس بصورة مباشرة.. وسوف تعترض على بعض ما يعرض على المجلس من أنظمة.. وتقارير.. ومشاريع ترى أنها لا تحقق المصلحة العليا للوطن.. ولا ترقى إلى مستوى طموحات المواطن (ذكراً أو أنثى).. وسوف تقول (نعم) لكل عمل، وكل توجه، وكل مبادرة خلاقة من شأنها أن تصنع المستقبل الأفضل لهذا الوطن وأهله.. ** والمرأة التي احترمها الملك عبد الله وقدرها كثيراً.. سوف لن تعبر عن نفسها.. وتترافع عن حقوقها المكتسبة فحسب وإنما ستجد نفسها شريكاً حقيقياً في العمل من أجل الوطن كل الوطن.. والمواطنين جميعاً أيضاً ** والاختيار غداً للمرأة العضو في مجلس الشورى .. أو في المجالس البلدية سوف يخضع لنفس معايير الاختيار لأي رجل.وهي معايير تجمع بين الكفاءة العلمية.. والأهلية الاعتبارية والتمثيل لأرجاء الوطن.. وعلى نموذج المواطنة الصالحة بكل أبعادها.. ومقوماتها الخاصة أيضاً.. ** كما أنها سوف تصبح عضواً في المجالس البلدية عبر صناديق الانتخاب لها من خلال المجتمع بكل من فيه من المستحقين للتصويت على اختيار مرشحيهم.. سواء كان هؤلاء المرشحون نساءً أو رجالاً.. تبعاًً لما قدمه كل منهما لهذا الوطن.. وما يقترح أن يقدمه له في المستقبل.. ** وفي هذا الجانب.. ** فإن المجتمع السعودي سيكون أمام امتحان صعب لإثبات مدى استيعابه للمتغيرات الراهنة.. وللضرورات التي فرضت عليه نمطاً جديداً من الثقافة والتفكير الموضوعي. وممارسة حق وطني في انتخاب الأكفأ.. والأقدر.. والأنسب.. من أبناء هذا الوطن لتمثيله في هذه المجالس.. عن استحقاق.. بصرف النظر عن حسبه.. ونسبه.. وثروته.. ووجاهته.. وبصرف النظر عن "ذكوريته" أو "أنوثته" هذا الاختبار الذي نتعرض له.. سيؤكد ما إذا كنا فعلاً مجتمعاً يعرف من يختار .. وكيف يختار .. ولمن يعطي صوته.. سوف نثبت بذلك أننا جاهزون لتجربة أوسع وأكبر في الغد المأمول.. عندما تصبح الانتخابات ممارسة طبيعية..وثقافة مألوفة.. وسلوكاً حضارياً راقياً.. في مجتمع ظلت تحكمه عقلية عشائرية وثقافة اقصائية.. وتصنيفية.. وفرزوية.. على أسس غير موضوعية.. ** وكأنني بالملك عبد الله.. وبرؤيته الثاقبة نحو المستقبل قد أراد بقراريه التاريخيين هذين.. أن يقول للمجتمع .. ان الفرصة قد واتتك الآن.. لممارسة حقك في انتخاب من يمثلونك في المجالس البلدية .. أو في الأندية.. أو الشركات والمؤسسات.. وأن عليك أن تثبت للعالم أنك أهل لاختيار من يخدم وطنك ويحافظ على وحدتك وأمن.. وسلامة.. واستقرار بلدك.. وعلى وفائك وولائك لعقيدتك.. ولأُلي الأمر في بلد هو خير البلدان.. والحمد لله.. ** وبالتأكيد.. فإن الفترة الزمنية الواقعة بين إعلان الملك يوم الأحد الماضي عن هذين القرارين.. وبين موعد تنفيذهما ستكون هي "المحك" وهي "المختبر" الحقيقي لمجتمع لم تقرر – فئة فيه بعد- أن تلحق بالسواد الأعظم وتؤمن بحتمية التحديث.. وتعطي صوتها في الغد "للمرأة" عندما تكون هي المرشح الأفضل أمام رجل لا يتفوق عليها بشيء.. بعيداً عن ثقافة "العيب" ومنطق "كيف أختار امرأة لتعبر عن رأيي .. و تمثلني".. وكيف أعطيها صوتي وأقدمها على رجل وإن لم أكن أعرفه.. لمجرد أنه يترشح أمام سيدة.. ولمجرد أنه رجل.. وأن كل رجل مُقدَّم على أي امرأة.. حتى وإن جاءت بالخوارق في "زمن النساء" كما يصفه بعض الرجال.. ** فهل ينجح المجتمع السعودي في تخطي هذا الاختبار الصعب ؟ ** وهل يثبت بأنه أصبح جاهزاً لانتخاب من يمثلونه في المستقبل في عضوية مجلس الشورى وسواه من المجالس المستحدثة عند ذاك؟! ** ذلك ما أتمنى.. وأرجو.. *** ضمير مستتر ** مهما اعترض عملية التحديث من مقاومة .. فإن الإرادة الصُلبة.. والوعي العام كفيلان بتغليب المصلحة العليا في النهاية