نعلم أن مهنية الصحافة في الغرب كانت لا تتناول القضايا المعروضة أمام القضاء بالتحليل والترداد وربما مناصرة خصم على آخر. وأقول " كانت " لأنهم اليوم يحللون مركباتها وعناصرها ( قصدي القضية ) قبل أن تصل إلى المحكمة . طلبا للسبق أو مضاعفة قراء الصحيفة أو – ربما – تسكين الموضوع بالمال ومحاولة طمسه. فالانتحال الباطل لشخصية الغير أو صفاته أصبحت صناعة لمن لديه الذكاء الكافي . وتسمّى ( امبيرسونيتور ) ( Impersonator)والعملية أن يظهر شخص ما بمظهر غيره والتستر بشخصيته لمنفعة باطلة أو لمضارة الآخرين. وهناك عيادات تغيير الملامح والتدريب على اللهجة وطريقة الأكل والسلوك، وتلك المؤسسات لا غبار عليها – ظاهريا – لأنها تخدم أيضا أهل المسرح والفن السينمائي ومدن الترفيه. ثم إن سهولة الوصول إلى القضاء بواسطة أي محام مغمور يجعل ذوي الخطط المخبولة مندفعين بالإغراء لرفع قضايا غير مدعمة بالقرائن والأدلة، فإن نجح الموضوع بعد التلميح بالتراضي خارج المحكمة فبها وإلا الخسارة زهيدة إن وُجدت. هالكم مثلا : - إذا دخل شخص أنيق المظهر حانة ليلية أو ملهى أو أيّا من أقبية اللذة في أوربا وقال عن نفسه إنه فلان ابن الثري فلان ( أوناسيس مثلا ) وعرض عليهم صور أغلفة مجلات تناولته بالتحقيق والتلميع ( تناولت الشخصية الأصلية ) فلن يضير الحانة هل هو فلان أو فلان ما دامت النقدية معه وبطاقات الإثمان سليمة، فيلحقونه بمراده، ويستدعون له أجمل الجليسات. ويلتقطون الصور " التذكارية ". ويغرونه بأبعد من ذلك. فإن فعل فالكاميرات السرية موجودة حيث يأخذونه. وهكذا يبدأ "الاستثمار" ببيع الصور "الثمينة جدا" عليه. أو على أسرته أو على من بيدهم سياسة مركزه المالي. والقضاة عادة يترددون في تضييع أوقاتهم في نظر في اتهام سببه اتفاق بين فتاة ليل تتناول الشراب مع أيّ كان وتخرج معهم برغبتها. لكن الصحافة في بعض البلدان الغربية جوعى إلى الكسب السريع . وتصل بها مقاسات هبوط أخلاق المهنة إلى درجة لا تُصدّق. كثيرة هي الأقاويل التي تتابعت على ذهن القراء الغربيين هذه الأيام، مرورا بقضية نيوز أو ذي وورلد اللندنية والتي عكست العقليات المصابة بالانتهازية والاستغلال المرضي للأوضاع، لا بل وكشفت عن وقاحة مستفحلة لدى بعض الأجرام الإعلامية. عندي أن الضحايا هم القراء.