قبل عشرين عاماً توقفت بمدينة نيويورك.. تغمرني الدهشة بين ناطحاتها.. أخذنا المرشد إلى (امباير ستيت) أعلى ناطحة سحاب في نيويورك اليوم، والتي تم بناؤها عام 1931، وفيها جرى تصوير عدة أفلام كفلم الثمانينيات الأشهر (كينغ كونغ). تحولنا من مصعد إلى مصعد حتى بلغنا قمتها المثيرة وسط تأوهات السياح، لكن قمة الإثارة كانت بعدما علمت أن تلك الناطحة (العجوز) تنضح شباباً وصموداً، ففي عام 1945 اصطدمت أضخم طائرة قاذفة في حينها (B-25) بالدور (79) منها، فتحول إلى كتلة من الجحيم امتدت ألسنتها خلف الوقود حتى بلغت الدور (72) ولمدة تزيد أضعاف مدة حريق برجي التجارة 1و2 في 11 سبتمبر!. صمدت (إمباير ستيت) بعد الحريق لأكثر من 60 عاماً وما زالت صامدة، بينما لم تصمد أبراج التجارة الأقوى والمجهزة بإطفاء آلي أكثر من 60 دقيقة؟! صمدت لأن أحداً لم يزرع المتفجرات في أقبيتها. عشر سنوات من الغباء وما زال العالم فيها يصدق أن طائرتين حولتهما إلى غبار، وأن شباباً مسلمين فعلوها.. عشر سنوات وما زلنا ندفع فواتير تلك الفرية! الغرب المتصهين والمتصهينون العرب يهللون لإنجاز أمريكا الأمني الذي تمكن من رصد مسحوق في سروال (عمر فاروق)، ومسحوق في طابعة كمبيوتر، لكنهم يتجاهلون ناطحة سحاب ثالثة انهارت وتحولت إلى مسحوق في المكان واليوم نفسه دون أن تصطدم بها طائرة! اسألوا أيمن الظواهري وتنظيم القاعدة عمن نسف برج التجارة رقم (7) الذي يفوق برج المملكة ارتفاعا يوم 11 سبتمبر؟ إنهم لا يعرفونه! اسألوا بوش ونائبه تشيني، بل اسألوا وزيرة خارجيتهم كوندوليزا رايس التي اتصلت بصديقها (ويلي رانت) عمدة سان فرانسسكو تحذره من ركوب الطائرة ذلك اليوم؟ عشر سنوات استقالت فيه عقول المفكرين والسياسيين والمحللين عندما أُعلن أنه لا يوجد أي شاب من ال(19) على قوائم المسافرين على تلك الطائرات التي قيل انها خطفت؟ لقد حل الرعب وشُلت العقول تحت وابل أكاذيب محطات اليهودي مردوخ (Fox news) وضجيج مثقفي 11 سبتمبر الذين انتشروا كالوباء في الفضائيات.. جعلونا نكذب العلم التجريبي والمهندسين الذين صمموا الأبراج (1 و2 و7) لتتحمل اصطدام طائرة بوينج 707 عدة مرات، وتصمد لرياح تهب لأكثر من 100 عام. اليوم يقفز بنا توماس فريدمان للأمام ليثرثر عن علاقة بلادنا بالإرهاب! لا أدري هل يعي هذا الكاتب أن مبالغته في تشتيت الانتباه عن المؤامرة يأتي بنتائج عكسية، لا سيما والأمريكيون الشرفاء بدأوا يستعيدون أمريكا المختطفة والمبتلاة بأمثاله؟ عندما يقترب رجال الأعمال من السياسيين فإن السياسة تصبح تجارة، وبدلاً من فن إدارة البلاد والعباد يأتي فن البيع والشراء لهما.. يتقوض الوطن وتصبح الوطنية مجرد سلعة، وهذا ما فعله رجال الأعمال والسياسيون الصهاينة، والمتصهينون الفاسدون بأمريكا الجريحة، وهذا ما حذّر منه رئيس أمريكا (بنجامين فرانكلين) قبل 200 عام عندما توسل إلى شعبه الأمريكي قائلاً: (أتوسل إليكم جميعاً أيها السادة أن تسارعوا لاتخاذ هذا القرار وتطردوا هذه الطغمة "اليهودية" من البلاد قبل فوات الأوان، وإلا سترون بعد قرن واحد أنهم أخطر مما تفكرون، وستجدونهم وقد سيطروا على الدولة والأمة ودمروا ما جنيناه بدمائنا وسلبوا حريتنا وقضوا على مجتمعنا، وثقوا بأنهم لن يرحموا أجيالنا بل سيجعلونهم عبيداً في خدمتهم، بينما هم يقبعون خلف مكاتبهم يتندرون بسرور بغبائنا، ويسخرون من جهلنا وغرورنا). هذا ما قاله رئيس الولاياتالمتحدة عنكم يا توماس فريدمان.. لم نقله نحن، ولم يقله (فرانكلين) عنا، فلا تزايد عليه في حبها، وقد صدقت توقعاته، فأنتم من غرستم بدجلكم كراهية أمريكا في قلوب كانت تحبها وتعشقها.. أنتم لا نحن.