أتذكر حديثاً لأحد الأصدقاء عندما التقى بأديب عربي كبير كان من ضمن ضيوف المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية). كان معجبا به. كيف كان بسيطا، ومتواضعا. وكل كلمة يقولها تمتع وتفيد كل من يستمع إليه، الأمر الذي جعل هذا الصديق يتمنى لو التقى بذلك الأديب من زمن بعيد. وقد شجعه ذلك اللقاء على قراءة نتاج ذلك الأديب الفكري والإبداعي،تذكرت ذلك. وفي الوقت ذاته ورد في ذهني مقولة (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه). حيث في المقابل هنالك كثير من المبدعين والأدباء الفنانين والكتاب يتمنى من كل من يقابلهم لو أن ذلك اللقاء لم يتم. لان الصورة الجميلة عن ذلك الشخص تغيرت بعد اللقاء.نتفق أن هنالك بعض الأوعية السيئة تحتوي على فكر وإبداع جيد. ولكن بكل تأكيد هنالك الكثير من الأوعية الجيدة التي تحتوي على فكر وإبداع جيد.هنالك كتاب لديهم موهبة كتابة جيدة ويأسرون القارئ عندما يكتبون نصا أو مقالا. ولكن مجرد أن يتحدث نسمع الجميع يقول ليته يسكت. فليس كل من لديه موهبة الكتابة يكون لديه موهبة التحدث والعكس صحيح. ووسائل الإعلام المسموعة والمشاهدة لا تعي ذلك مطلقا فبمجرد أن يكتب شخص ما حرفا يستضاف ويجرى معه حوار حول أمور قد لا يعرف أبجدياتها. وقد شاهدنا عددا من الحوارات التلفزيونية مع (مشاهير) صدموا المشاهد بعدم قدرتهم على التحدث بصورة مقنعة للمشاهد. فمثلا عندما يجرى حوار مع مطرب يمتلك صوتا جميلا يفاجأ المشاهد بعدم قدرة الفنان على التحدث ومناقشة القضايا الفنية. وحقيقة هو ليس مطالب بذلك يكفيه أن يبدع في النسق الخاص به وهو الغناء. وأن يمتع بصوته. وأنا هنا لا ارفض الحوار ولكن يكفي أن يتحدث بإيجاز عن إبداعه. ومشاريعه المستقبلية دون الولوج إلى جدل وتنظير يسيء له. أمر آخر نشاهده وهو حرص البعض على الحضور الإعلامي.على الرغم من انه غير مؤهل لذلك. وقد استاء كثير من المشاهدين من حوارات بثت تلفزيونيا مع (مشاهير) أطروا مقولة تسمع بالمعيدي.إن إطلالة ولو كانت قصيرة وبصورة مشوهة تهدم ما سعى لبنائه المبدع لسنوات طويلة. من يحترم نفسه تكون إطلالته بمستوى إبداعه. ويكون في كل مكان وزمان بمستوى ما قدمه من عطاء ثقافي وفني وفكري. إن الوعاء الفاسد قد يهمل أو يقذف بعيدا . ومن المأساة أن شخصية المعيدي بدأت تكثر في الأوساط الثقافية والفنية.