أزالت الإدارة العامة للمرور استفتاء من موقعها الإلكتروني يتعلق بمدى تأييد نشر كاميرات «ساهر» داخل الأحياء والشوارع الفرعية، وجاءت الإزالة بسبب ارتفاع نسبة المعارضين حيث كان عدد المصوتين 152 ألف شخص تقريبا، عارض 75 في المئة منهم نظام ساهر .. وهي النتيجة التي كان ينبغى أن تتحول إلى دراسة لأسباب الرفض، وأكاد أجزم أن المعارضين لهذا النظام هم معارضون لارتفاع رسوم المخالفة وتدبيلها أيضا حيث لا يوجد عاقل يرفض نظاما يحقق السلامة للجميع إلا أن أي عقوبة لا ترعى حالة المجتمع التي تطبق فيه عقوبتها تكون (مستبدة). وبالرغم من كون رجال المرور يفاخرون بأن هذا النظام حد من الحوادث إلا أن هناك استكمالا يجب أن تقوم به إدارة المرور والمتمثلة في القضاء ومعالجة المسببات الأخرى للحوادث وقد كتبت عن هذا كثيرا، وآخر مقالة تحدثت فيها عن نظام ساهر كانت بعنوان (غشامة المرور) وهي المقالة التي تداخل معها الدكتور عبد الحميد عبد المجيد أستاذ مشارك في أصول التربية الإسلامية في جامعة أم القرى مستهلا مداخلته بما نوافق عليه جميعا بأن نظام ساهر أسهم في الحد من الحوادث ووجوده استهدف الحفاظ على الأرواح والممتلكات ولكن هل السرعة وحدها هي سبب الحوادث المرورية؟ وإن كان نظام ساهر قد قضى على حوادث السرعة فهناك عشرات المسببات التي لم يحاربها أو يستأصلها المرور أو يشارك في حلها، فكثير من الخطوط الطويلة والقصيرة لا توجد بها إنارات أو إرشادات، سير بعض السيارات من غير أنوار، وجود حفر عميقة في الخطوط الطويلة أو مطبات يؤدي تفاديها إلى وقوع حوادث، وجود الجمال والأنعام التي ترعى بالقرب من الخطوط الطويلة وقطعها لتلك الخطوط من غير وجود شبك يمنع تسللها إلى الطرقات، عدم وجود أماكن مخصصة للمشاة في داخل المدن أو عدم وجود إشارات مرورية للمشاة ألا يؤدي هذا إلى الدهس؟ وهناك الكثير من مسببات الحوادث فإن حقق نظام ساهر نتيجة إيجابية فليهتم المرور بالمسببات الأخرى لكي يحد من الحوادث الناشئة من تلك المسببات. والسؤال الذي يحير الجميع: لماذا تضاعف قيمة المخالفة بعد مضي شهر؟ يري فيه الدكتور عبد الحميد أن المخالفة أعطيت وسجلت على السائق فلماذا تضاعف في دولة دستورها الإسلام الذي يحثنا على التسامح والتجاوز عن المخطئ قال تعالى «ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن» وأظن الأحسن هو العفو، وقوله تعالى «وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله» أليس في هذا حث على العفو؟ المخافلة سجلت ولابد من تسديدها لأن المخالف لن تنجز له أي معاملة (نقل ملكية، تجديد رخصة، استمارة، إصدار أو تجديد جواز السفر..) فهو سيسدد فلماذا المضاعفة؟ وغالبا لم يسدد لأنه لا يملك قيمة المخالفة وينتظر رحمة الله ليسدد فليعط الفرصة. كما نجد أن المخالفات قيمتها كبيرة فهي 300 أو 500 ريال كم من طالب أو موظف بسيط تطبق عليه هذه القيمة وهو لا يملك المال لتسديد مخالفته؟ والمصيبة أنها تتضاعف. لذلك لابد من إعادة النظر فيها. كأن توضع شرائح للمتجاوزين، فمن تتجاوز سرعته 25 % من السرعة المحددة مخالفته 500 ريال سواء كانت سرعته 140كم في الساعة أو 200 كم في الساعة، فهل هذا عدل ويقبله عقل أو منطق؟ ومن المفترض أن تكون متدرجة وفق السرع فمن كانت سرعته 140 كم مخالفته مثلا 200، ومن كانت سرعته 150 مخالفته 300، ومن كانت سرعته 160 مخالفته 400 وهكذا، تتناسب قيمة المخالفة مع حجم المخالفة. المهم لو استمرت إدارة المرور على غلق منافذ سمعها فسوف تجد تزايدا في نسب معارضيها وأعتقد أنها سوف تواصل من غير أن تلتفت إلى الخلل الذي تعيشه.