"ستاندرد آند بورز" ترفع تصنيف المملكة الائتماني عند "A+"    قصر ضيافة ومباني فندقية وسكنية في مزاد "جود مكة"    زلزال بقوة 5.4 درجات يضرب شبه جزيرة ميناهاسا في إندونيسيا    واشنطن تطرد سفير جنوب إفريقيا    إنجاز سعودي في الأولمبياد الشتوي الخاص    إندريك يحل مكان نيمار المصاب في تشكيلة البرازيل    ولي العهد يهنئ السيد مارك كارني    الدفاع المدني يكثف جولاته التفتيشية بالمدينة خلال رمضان    تفعيل مبادرة صم بصحة في فعالية إفطار حي خضيراء الجماعي    فيديو.. غضب رونالدو بسبب استبداله أمام الخلود    ضمك يحقق الفوز على القادسية في دوري روشن    القبض على باكستانيين في الشرقية لترويجهما الشبو والحشيش    إفطار رمضاني يجمع صحافيي مكة على إطلالة البيت العتيق    النصر يتفوق على الخلود بثلاثية    بدر ليلة ال 15 من رمضان يضيء سماء المملكة    طويق جازان في مبادرة إفطار مرابط بالحد الجنوبي    20 جولة تبخير وتطييب للمسجد الحرام يوميًا خلال رمضان    ارتفاع أسعار الذهب    محاريب المسجد النبوي لمسات معمارية إسلامية ميزتها النقوش والزخارف البديعة    السفير المناور يرفع الشكر للقيادة بمناسبة تعيينه سفيرًا لدى المكسيك    الكشافة يقدمون خدماتهم لزوار المسجد النبوي    جمعية حفظ النعمة تحفظ فائض وجبات الإفطار في المسجد النبوي الشريف    منتدى منافع الثالث يعزز الاستدامة والاستثمار في خدمة ضيوف الرحمن    وفاة الأميرة نورة بنت بندر آل سعود    إطلاق 16 كائنًا فطريًا في محميات العلا    أمير منطقة المدينة المنورة يطلق حملة "جسر الأمل"    الفتح يتغلب على الرائد بثلاثية    ولي العهد‬⁩ والرئيس الروسي يستعرضان هاتفيا جهود حل الأزمة الأوكرانية    تحقيق أممي: الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين    المملكة ترحب باتفاق ترسيم الحدود بين جمهوريتي طاجيكستان وقرغيزستان    اكثر من 100 معاملة يتم إنجازها يومياً بالمنطقة عبر مبادرة الفرع الافتراضي    جمعية العناية بالمساجد " إعمار " تنفذ برنامج " سقيا المصلين "    أمانة القصيم تُعلن جاهزيتها لانطلاق مبادرة "بسطة خير السعودية"    قطاع ومستشفى بلّحمر يُنفّذ حملة "صُم بصحة"    قطاع وادي بن هشبل الصحي يُفعّل حملة "صُم بصحة"    نائب أمير منطقة مكة يستقبل رئيس المحكمة الجزائية بجدة    محافظ الطائف يناقش تقرير لجنة الأسواق الشعبية    "بسطة خير السعودية" تنطلق لدعم 80 بائعًا متجولًا بالشرقية    نائب أمير منطقة مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    جامعة الملك عبدالعزيز تحتفل بيوم العلم السعودي بسباق "راية العز"    جامعة أمِّ القُرى تحتفي بيوم العَلَم    لا منتصر بحرب الرسوم    النفوذ الصيني في أعالي البحار يهدد الأمن القومي الأميركي    مكة في عهد يزيد بن عبدالملك بن مروان.. استقرار إداري رغم التحديات السياسية    طيبة الطيبة.. مأرز الإيمان    العلا.. تضاريس ساحرة ونخل باسق    في معنى التأمل    عَلَم التوحيد    المشي في رمضان.. رياضة وصحة    نصائح لمرضى الكلى في رمضان.. يجب الالتزام بأساليب التغذية السليمة    تزامنًا مع يوم العلم السعودي.. "بِر جازان" تطلق مبادرة "حراس الأمن في عيوننا"    خناقة بمسجد!    افضل تجربة تصوير هاتف في فئته بالعالم: سلسلة CAMON 40 من TECNO    مباحثات جدة الإيجابية "اختراق كبير" في الأزمة الروسية الأوكرانية    فرع هيئة الصحفيين بجازان يحتفي بيوم العلم السعودي بالتعاون مع فندق جازان ان    تعهد بملاحقة مرتكبي انتهاكات بحق وافدين.. العراق يعيد مواطنيه من «الهول» ويرمم «علاقات الجوار»    مشروع الأمير محمد بن سلمان يحافظ على هوية مسجد الجامع في ضباء    سعوديات يدرن مركز الترميم بمكتبة المؤسس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من هو عايض القرني؟.. المفكر بين الصخب والهدير

إن كنت من قراء (عايض القرني) فتابع مقالي واسمح لي أن أسألك، ولاحظ أنني قلت عايض بدون ألقاب لسببين، أولهما: أنك حتما عرفت من أقصد، وثانيهما وهو الأهم: أنني أريد أن يعرفه الناس بدون ألقاب، لأنني عندما أسمع مثلاً اسم: مالك بن نبي، لا أحتاج أن يعطيني أحد سيرته الذاتية، ولا الألقاب التي أسبغت عليه، وهكذا غيره من عظماء المفكرين والمؤلفين في مختلف الفنون. والآن إلى السؤال: من هو عايض القرني؟
سأحاول التوضيح: عندما تستمع للقرني متحدثا، أو تقرأ له ناثراً مقالاتٍ أو كتباً وما أكثر ما يتحدث وما يكتب، أو تقرأ له نظماً وما أكثر ما نظم، فبمن يذكرك؟
في النثر هل يذكرك بمحمد محمد حسين، أو سيد قطب، أو مالك بن نبي، أو الرافعي، أو بديع الزمان الهمذاني، أو كانت أو هيجل أو ماركس أو فيلبي أو أبوعبدالرحمن بن عقيل، أو المودودي أو ابن تيمية، أو بعض فقهاء المعتزلة، أو المنفلوطي، أو محمد عابد الجابري، أو فلان أو فلان؟ وفي النظم هل يذكرك بأبي العتاهية، أو صفي الدين الحلي، أو ابن مالك (صاحب الألفية) أو نُظّام المتون، أو عبدالرحمن العشماوي، أو العقاد، أو أحمد عطار، أو من يشابههم من النُظّام جيدهم ورديئهم؟
عايض القرني حفاظة نسابة مجود للقرآن، جهبذ في الحديث، ضليع في حفظ وتلاوة الشعر، واسع الاطلاع على الفكر والثقافة، القديمة والحديثة شرقاً وغرباً، وهو رجل منبر من الطراز الأول، بل أكاد أقول لا منازع له، فهو حاضر البديهة، سريع النكتة، خفيف الظل، مليء الجعبة، لا يجد الملل إلى سامعه طريقاً، وهو صاحبُ قلم سيال لا تكاد تجد مطبوعةً إلا وله فيها مقال، ولا مكتبة إلا وله فيها أكثر من كتاب، لكنه عندما يكتب مقاله الأسبوعي في الشرق الأوسط تشعر بأنه منحه من الوقت والجهد والعناية ما لم يمنحه لغيره من كتاباته، ولذلك تشعر هنا بأنك أمام عايض مختلف، ليس في الفكر فقط، بل وفي الأسلوب واللغة، فهو هنا ذو فكر يتغير ويتجدد ويتطور، وهذه إحدى سمات المفكر المتأمل، ولهذا فهو هنا وفي هذا المقال بالذات يقدم فكر عايض المنتظر بتركيز وعناية شديدين، وهو يقدم عايض الأسلوب، وأسلوبه في الأصل لاشك رفيع، ولغته راقية، ومعجمه ثري، لكنه هنا وفي هذا المقال الأسبوعي يمنح نفسه فرصة للمزيد من الإجادة، واختيار المفردات الدالة، والجمل المسبوكة بعناية، حتى سجعه يجيء رخاءً طبيعياً لا كلفة فيه، ولا اعتساف. كل هذا ولكن أمام طغيان ما ينشره الشيخ هنا وهناك، وهدير ما يقوله الواعظ على الشاشات والمنابر؛ خبا وضاع عايض المفكر، الذي أخذه صخب الجمهور إلى واد وارف الظلال، كثيف الشجر، خصب التربة، غزير المياه، لكن ليس فيه منتج واحد يؤكل، ولا فسحة هادئة لمُتأمل، ولا مجال لمن يمر فيه أن يحتفظ له بذكرى محددة، سوى أنه وادٍ جميل المنظر، وارف الظلال، يصلح للتنزه والتسلية، أما الإقامة أو الزراعة فلها أماكنها الأخرى، ووديانها التي تقدم ما ينفع الناس.
عندما أقرأ في كتب عايض القرني أو مقالاته المبثوثة هنا وهناك، أو نظمه الذي ينشره بين الحين والآخر؛ فإنه يذكرني بكل تلك الأسماء الكبيرة التي ذكرتها أعلاه وبأكثر منها، فهو كما قلت قارئ واسع الاطلاع، وأثر الأولين والآخرين عليه واضح، لكنه أثر متناثر، فلديه من بحر كل منهم قطرة، وأحيانا غرفة، فهو يستقي منهم ويضيف إضافات تضيع في الهدير أو الصخب أو الانتشار، لكن في مقاله في الشرق الأوسط لا أجد سوى عايض القرني المفكر، ولا أدري لماذا لا يصبح فكره وأسلوبه هنا هو القاعدة التي ينطلق منها ويعود إليها، ويجعل كل ما عدا ذلك هوامش يغيبها شيئاً فشيئاً حتى تذوب في سديم عايض الجديد؟ ولهذا كان سؤالي في بداية المقال: من هو عايض القرني؟
لماذا أكتب عن عايض اليوم؟ لأنني أقدره وأحترمه وأحبه، وارتاح لفكره وأسلوبه الجديدين، ولأنه على الرغم من شهرته وتاريخه الذي يبدو طويلاً مازال في مقتبل العمر وعز الشباب، ولا أريده أن ينفق ما تبقى وسط الصخب الجماهيري، والهدير المنبري، فالكتاب كثيرون، والوعاظ أكثر، أما المفكرون فندرة، وأما أصحاب المشاريع الكبرى فأقل من القليل.
وهذا واضح ومعروف على مر التاريخ، لكنهم على ندرتهم وقلتهم؛ هم الخالدون في وجدانات وضمائر الأمم، وعايض القرني مشروع مفكر، ولبنة صاحب مشروع حضاري خالد، والمعطيات كلها لديه، فقط قليلاً من التأمل والتدبر، وقبلهما التخلص من أدران الصخب وعوالق الهدير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.