ليلة البارحة، أتتني جدّة في المنام!. كانت خائفة، صدرها ضائق، كأنّما تصَّعَدُ في السماء، وقلبها يخفق، وجبينها يتفصّد عرقاً، ويداها ترتجفان، ورُكْبتاها تصطكّان، ولسانها شبه معقود!. هدّأتُ من روْعِها، وسألتها: ما يُخيفُكْ؟!. قالت: أما سمعتَ عن بناتي القاصرات، اللاتي اختطفهنّ ذئبٌ بشري، فانتهك طفولتهنّ، واغتال براءتهنّ، واستحلّ أجسادهنّ، وزلزل نفسيتهنّ زلزالاً عظيما!. قلتُ لها: وأما سمعتِ أنتِ أنه قُبِضَ عليه، وسيلْقى جزاءه المُستحقّ؟!. قالت وهي تبكي: سمعتْ، وأنا مطمئنة تماماً حيال تحقيق العدالة، لكني أخشى من تكاثر الجرائم بين أضلعي، وتصبّغها بأشكالٍ جديدة وغريبة، حتى في الأماكن التي لم تألف ارتكابها في السابق، مثل المستشفيات والأسواق وقاعات الأفراح، وأنا من المُدن المُتميّزة بدرجةٍ عاليةٍ من الوئام الاجتماعي، ومن الاطمئنان المُجتمعي، ومن الانفتاح والثقة المتبادلة بين أهلي وزُوّاري، لدرجةٍ لا يُخطّطون مُسبقاً لأمنهم الشخصي، لكنّهم الآن خائفون، وأنا أخاف لخوفهم، وأحتاج لدراساتٍ متخصّصة عن هذه الجرائم، من كافّة الجهات، التعليمية والبلدية والخيرية والإدارية والصحية والتخطيطية، كما الأمنية، بل حتى قبل الأمنية، تتلوها حلولٌ علمية للوقاية من الجرائم في الدرجة الأولى، أو تقليلها إلى الحدّ الأدنى الذي لا يؤثر على تنميتي الاجتماعية، فالاقتصادية، مع القبض على مُرْتكبيها.. سريعاً!. استيقظتُ من النوم فَزِعاً، فغصبْتُ نفسي عليه، لكن هيهات، لقد أبى واستكبر وكان من المُمتنعين، ولم يستسلم لي ويَنْقَاد، إلاّ بعد كتابتي للبضاعة!.