سوزان المشهدي - الحياة اللندنية تابعت بكل شغف برنامجاً حوارياً عن قيادة السيارة كان الحوار بين سيدتين سعوديتين إحداهما ناشطة في المجال الإعلامي والاجتماعي عن خبرة ودراية، والأخرى ناشطة كما تعرف نفسها لم نسمع عنها إلا منذ وقت قصير بعد حملة غريبة عجيبة تبنتها هي وعدد قليل من النسوة وعدد قليل من الرجال، قد أفهم انضمام النساء للحملة ولكني لم أفهم يوماً دور الرجال فيها هل هو الدعم أم الإعلان أم الإعلام أم ماذا؟ وتفتق ذهني بعد تفكير عميق أنهم ربما يكونون أولياء امورهن ودورهم وقايتهن وحمايتهن ومساعدتهن على توصيل فكرتهن، ربما رغبوا أن يجعلونا نشاهد نموذجاً واقعياً حياً. أعود للحلقة الساخنة التي شاهدتها لمرات عدة وكلي استغراب من سبب التشنج غير المبرر والغضب غير المبرر والتهديد غير المبرر والتمسك بالطبطبة والمزايدة على حب الوطن وعلى اتباع أولي الأمر واحترام أنظمة الدولة فهذا أمر مفروغ منه. انشغل المجتمع الشهر الماضي عن بكرة أبيه بموضوع قيادة المرأة السيارة مع الاحترام الكامل لأنظمة الدولة وسبب النقاشات ليس إظهار هذا الجانب إنما إظهار الحاجة الفعلية الماسة لبعض السيدات فإذا كانت إحدى الضيفات لا تريد القيادة (فما حد غصبها) ولن يقوم أحد بجرها من يدها لتقود سيارة نحن نتحدث عن واقع معاش واقع صعب لامرأة غير متزوجة أو زوجة وزوجها مرفوع من الخدمة أو مطلقة لا تريد ان تثقل بحملها على أقربائها، هذا إذا وجدتهم حولها، فالأولى أن يتم مناقشة القضية بمنطقية ومن دون تشنج، يوماً ما ستسمح الدولة بالقيادة، وأرجو ألا أرى الرافضات أول من يظهرن في الشوارع. نعم هناك استياء كبير جداً من استخدام الشعارات الرنانة لقتل هذه القضية المهمة التي ستسهل الحياة اليومية على عدد كبير من السيدات، وخصوصاً في ظل عدم وجود شبكة مواصلات لائقة تستطيع من تحتاج لهذه الخدمة أن تجدها دائماً، وخصوصاً لإيصال الأبناء والبنات للمدارس أو السماح لهن باستخدامها وهذا يتطلب مواعيد ثابتة للباصات وللقطارات ان وجدت تصل الشمال بالجنوب وتخدم جميع المناطق، مواصلات تخدم فئة ذوي الاحتياجات الخاصة من الجنسين أيضاً. قد لا تشعر بهذه المعاناة من تملك سائقاً (مخلصاً الله هاديه وما هرب منها)، وقد لا تشعر بهذه المعاناة المرأة غير العاملة وقد لا تشعر بهذه المعاناة المرأة المتزوجة إذا كان زوجها متفرغاً أو متقاعداً أو لا يعمل أصلاً ولكن ليس كل سيدات المجتمع تملك كل ما سبق. الموضوع ليس متعلقاً بقلة الحياء كما يردد البعض وليس متعلقاً بالفتنة ولا بغيرها فالنساء يقمن بكل المشاوير المطلوبة منهن بالتاكسي او بالليموزين الذي يعمل بمفرده وفي الأغلب لا تستخدم النساء الليموزين التابع لشركات لارتفاع سعره ولعدم التزامهم بالمواعيد المطلوبة مما يسبب أزمة صباحية تتزايد حدتها لو وجد أبناء يدرسون في المدارس وعليها توصيلهم في الأوقات المطلوبة في ظل الازدحام الشديد صباحاً. قد يقول البعض ان قيادة المرأة السيارة ستزيد من الازدحام وهذا القول مردود، فأغلبية الأسر تسلم الأطفال المراهقين سيارات بتصاريح خاصة. نحتاج عند مناقشتنا قضايا مهمة متعلقة بتمكين المرأة أن نناقشها بمنطق بعيد عن التشنج والاتهامات.. بعيد عن الشعارات الرنانة والمتناقضة بعيد عن (أطبطب وأدلع) نحتاج تأصيل منهج واضح في الحوار حتى تصل قضيتنا العادلة.