قلتُ وأقول بأن العودة لبعض أفكار الأسلاف ومقولاتهم تُحبط الهمم. سأضربُ مثلاً بالشعر الذي يُعبر عن فكر الأمّة وثقافتها. يقول زهير بن أبي سلمى : وأعلمُ ما في اليومِ والأمسِ قَبْلهُ ولكنني عن عِلمِ ما في غدٍ عَمِي العربُ بصفةٍ عامّة لم يُعرف عنهم في تاريخهم القديم أنهم أُمّة تخطيط. يعيشون يومهم ويتركون الغد يأتي كما هو على أنه القضاء والقدر. قد تصدمهم الوقائع التي لم يُخططوا لها، فيستسلمون ويُذعنون. تستمر الأحداث بالوقوع ويستمر قبولها وهكذا تظل الحياة (مكانك راوح). أسترجع هذه الحال فتأتي مباشرة إلى ذهني بعض المشاهد من عصرنا الحالي، وأتساءل بيني وبين نفسي ألا نتعلم من الأحداث وكل ما ينتج عنها؟ أين الدروس المُستفادة؟ خذوا مثالاً لخوفي مما سيأتي بهِ الغد. انطلقنا بسرعة الصاروخ في التعليم الجامعي، وهذا أمر محمود ومطلوب ومشروع. لدينا اليوم عشرات الجامعات ، البعض منها يستوعب عشرات الآلاف من الطالبات والطلبة ويتخرج فيها سنوياً الآلاف. جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن على سبيل المثال التي افتتحها مُؤخراً ملك العلم والمعرفة عبدالله بن عبدالعزيز تستوعب حوالي 50 ألف طالبة في مختلف التخصصات. أيضا هناك أكثر من 100 ألف طالبة وطالب يدرسون خارج المملكة ويحل محلهم غيرهم بعد عودتهم. ثم ماذا؟ أقصد وبعد التخرج ما الذي يحدث في الغالب؟ أكيد سمعتم بحكاية البطالة وتوابعها. إنما دعوني أُشبّه الأمر بسباق المسافات القصيرة داخل الصالات حيث ينطلق المتسابقون بأعلى سرعة وعند خط النهاية لا يوقفهم سوى الحاجز الإسفنجي المُعد لذلك فيرتطمون به. هذا ما يحدث وسيحدث للخريجين إلاّ في حالة تم التخطيط للمستقبل وبالتالي لن يكون (عَمِي) حسب نظرة زهير بن أبي سلمى. وزارة التعليم العالي وبضغطة زر في قاعدة البيانات لديها تستطيع إفادة وزارة التخطيط (النائمة في العسل) وكذا وزارة العمل ووزارة الخدمة المدنية بعدد الخريجين وتواريخ تخرجهم وتخصصاتهم وأجناسهم وحتى صورهم وأشكالهم. المهم سرعة التحرّك لاستيعابهم وإلاّ ... كفاية ، بلاش تشاؤم.