حين ينظرُ أحدنا للحياة من زاوية عاطفية بحتة يقع في المآزق. فالحياة اليوم بكل تعقيداتها تحتاج إلى رؤية ثاقبة وعقل ناقد. كل فرد في المجتمع يعتقد بأنه مُلم بقضايا الأمة وهمومها. لهذا تراه يطرح الحلول لكل مشكلة. لا بأس في هذا فكلّ له الحق في طرح ما يراه من رؤى وأفكار سيّما ونحن نعيش عصر الإعلام المفتوح والوسائل الاتصالية أصبحت في متناول الجميع بحيث يُمكن لأي إنسان طرح ما يراه ونشره في عالم الانترنت. السؤال كم من رؤية قيلتْ أو حلول طُرحتْ قائلها كان متجرداً من عواطفه ؟ ثُم كم هي نسبة الحقائق في كل تلك الرؤى أو الأقوال ؟ في نظام المطبوعات والنشر تم تقنين طرح القضايا وعدم التعرض للأشخاص بأسمائهم وهذا معقول نوعاً ما لكن ماذا يعني التغاضي عن الإعلام (النتّي) المفتوح من مواقع وصحف تُسمى بالإلكترونية (لا أعني الصحف الإلكترونية الجادة) حيث تسرح فيها الأشباح وتمرح. تنهش لحم هذا وتقذف ذاك وتعرّض باسم زيد وتشتم عبيداً، وتتهم الأشخاص بذممهم وشرفهم ؟! أعود إلى موضوع التجرّد من العاطفة والنظر بعين العقل وأقول لو كانت هذه الممارسة مقصورة على من لا ناقة له ولا جمل في المسؤوليات لافترضنا قبولها ولو على مضض. إنما العيب أن يُمارس مثل هذا السلوك في بعض الدوائر التي يفترض فيها الحياد وحُسن التخطيط. أين تحديد الأهداف بدقة من أجل سلامة التصويب؟ أم أن الأمور تحكمها العواطف؟ حسب الكاتب والناقد الياباني هيديو كوباياشي (1902-1983) مؤلف كتاب " طريقة نظري إلى الحياة " فإن أفضل طريقة هي مواجهة هذا العالم بكل تجرّد بسبب أننا تعودنا على أن لا نرى ما لا نُريد أن نرى، ولا نشعر بما لا نُريد أن نشعر به. وأشار السيد كوباياشي إلى القول بأن الصياد الذي يُطارد الزرافة لا يُشاهد الجبل. ومن أجل واقعِ أفضل لنتركْ العاطفة جانباً في قول رؤانا ولنتخذ التخطيط الماهر منهجاً وسبيلا.. التخطيط أم التخبيص حكاية سأتناولها في قادم الأيام.. إلى اللقاء.