حتى الآن أعلن النظام السوري عن عدد كبير من الخلافات الإسلامية، والعصابات الإجرامية التي يزعم أنه اكتشفها في معظم المدن والبلدات السورية، منذ اندلاع المظاهرات الشعبية التي كانت تطالب بالحرية والإصلاح في البداية منذ أكثر من شهرين، ومع استمرار القمع والاعتقال والقتل تصاعدت اللهجة والمطالبة بإسقاط النظام. فما أن يتحرك الجيش السوري، ويحاصر مدينة أو بلدة حتى يعلن النظام أن الجيش وقوى الأمن يلاحقون خلافة إسلامية أو عصابة إجرامية داخلها، هذه الرواية التي يرددها النظام يوميا يكذبها المواطنون السوريون على الشاشات الفضائية، وعلى مواقع النت المختلفة، ويوردون صورا حية لمظاهرات سلمية، يواجهها الجيش والشبيحة بالرصاص الحي، ويقول هؤلاء إن النظام يتخذ من ادعائه بوجود عصابات أو خلافة إسلامية ذريعة لقتل المتظاهرين وقمعهم واعتقالهم، ويضيفون متسائلين: لماذا إذا كان النظام صادقا في ادعاءاته؛ لا يسمح لوسائل الإعلام العربية والعالمية بأن تدخل وتسجل صوتا وصورة بطولات الجيش والأمن في ملاحقة هذه الشراذم المارقة؟ سواء كانت عصابات أو خلافة إسلامية متعددة الفروع، هذا فضلا عن التساؤل الطبيعي عن أين كان النظام بكل أجهزته ولم يكتشف هذه العصابات والخلافة إلا بعد أن قامت المظاهرات الشعبية السلمية؟ الواضح أن النظام السوري يتخبط، منذ أن اختار الحل الأمني الذي أفضى حتى الآن إلى أكثر من ألف قتيل وآلاف المعتقلين، وأقول يتخبط لأنه إن كان صادقا في ادعاءاته بوجود خلافة وعصابات كان غافلا عنها فهذا وحده سبب كاف لحنق الناس هناك، وغضبهم ومطالبتهم بإسقاطه؛ لأن نظاما هذا مستوى قدرته في مراقبة وحفظ الأمن لا يستحق أن يكون أهلا لثقة شعبه، سيما وهو يرفض إصلاح نفسه، وإن كانت ادعاءات النظام – وهو الأرجح – بوجود عصابات وخلافة إنما هي ذريعة لتبرير قتل المتظاهرين المطالبين بالحرية والحياة الكريمة وقمعهم واعتقالهم لأن مطالبهم ليست مقبولة، فإن إسقاط النظام يصبح مطلبا شعبيا لامناص للسوريين من تحقيقه، لتتحقق لهم الحرية والعدالة والحياة الكريمة التي ينشدونها. النظام السوري، برئاسة بشار الأسد، لا شك علم وشاهد كيف انتهى النظام السابق في تونس وكيف تصرف بن علي، وعلم وشاهد ما آل إليه النظام المصري السابق وأين هي رموزه الآن، وعلى رأسهم مبارك، وهو يعلم ويشاهد الأوضاع التي أصبحت عليها ليبيا، بسبب معمر القذافي ونظامه، ولا أظن النظام السوري عنده أمل أو شبه أمل في نجاة القذافي ورموز نظامه إن كان بشار ومستشاروه يقرؤون الأمور بصورة منطقية سليمة، وهناك تجربة رابعة في اليمن نهايتها قريبة على الرغم من المماطلة والتسويف، ومرة أخرى، لا أظن أن النظام السوري عنده أمل في أن يظفر بفرصة مماثلة، لما حصل عليه علي صالح، تطيل أمد بقائه في السلطة، بضعة أسابيع أو أيام. إذن ليس أمام الرئيس السوري ونظامه سوى اختيار طريق من ثلاث، طريق زين العابدين أو مبارك أو القذافي، وكلها حتى الآن متاحة وأسهلها وأفضلها أولها، أما البقاء في السلطة وقتل الناس تحت أي ذريعة فاستمرار ذلك دونه خرط القتاد، والمسألة في نظري مسألة وقت لا أكثر.