لا أدري لماذا يخيل إلي اليوم وأنا أشاهد الثورات في البلدان العربية أنني أشاهد برنامج ستار أكاديمي، لكن (من النوع السياسي)، وهذا لمن لا يعرفه، هو برنامج يكشف عن المواهب عبر مسابقات يقدمها للجمهور، لكن هذا البرنامج اختلف عن برامج مسابقات المواهب بأنه لم يعد يكتفي بتقديم المواهب في حالتها الأخيرة وهي متأنقة تغني أو تعزف أو ترقص، بل جعل الكاميرا تتابع وتنقل تفاصيل حياتها، وهي في المطبخ، وهي تمزح، وهي تصنع المقالب، وهي ضعيفة وتبكي. وفي كل أسبوع تختار لجنة الحكام بناءً على تصويت الجمهور من يبقى في المسابقة ومن يخرج، ويترشح ثلاثة متسابقين للخروج، يخرج منهم واحد كل أسبوع. اليوم ونحن نشهد الثورات العربية المتزامنة أحياناً بين ثلاثة مرشحين من الرؤساء للخروج، ونشهد التصويتات العربية والدولية وهي تدعم مشروع خروجهم، أصبح لدى المتفرجين، مسابقات تعرض مواهب الرؤساء في معالجة الثورات، بعضهم مرشح للخروج، وبعضهم خرج. هؤلاء الرؤساء بفعل برنامج (ستار السياسي) صرنا نراهم في حالات لم نرهم فيها من قبل، أي من دون مكياج سياسي، وفي حالة ما قبل البذات والثياب والخطابات المتأنقة، صرنا نسمعهم يشتمون، ويستخدمون ألفاظاً بذيئة، صرنا نقرأ عن اختلاساتهم، وسرقاتهم وكذبهم، كما صرنا نشاهدهم وهم يعملون المقالب لشعبهم، بإطلاق البلطجية والمساجين ليحاربوا معهم ضد شعبهم. علي عبدالله صالح الذي طالما ظهر أنيقاً ينادي بالمبادئ العلمانية، ويتفاخر بنتائج الانتخابات التي أبقته 30 عاماً في السلطة، شاهدناه وهو يصنع المقالب لعلي الأحمر وللمعارضة وللمعتصمين، وعندما خسر كل الشعارات الرنّانة، لبس لحية شيخ دين وأفتى قائلاً (اختلاط النساء بالرجال في التظاهرات حرام). أما القذافي الذي طالما ظهر متعجرفاً، وأكثر ما كان يحتقر هو استبداد الحكام العرب، وأن شعبه يحكم نفسه بنفسه من خلال اللجان الشعبية، حين جاء الصدق قال لشعبه: «يا جرذان والله لأصفيكم واحداً واحداً»، وحين ابتلعته المعارك وفازت المعارضة بالاعتراف الدولي، قال: طيب ممكن أصبح رمز ليبيا؟ وخذوا سيف الإسلام رئيساً، إنه أكثر شباباً مني يعرف ويفهم في برامج الإصلاح الترقيعية، ثم خرج علينا سيف الإسلام الرئيس المرشح والمشهور بإدخال كلمة «طز» في الخطابات السياسية، قائلاً في لقاء مع صحيفة «واشنطن بوست»: «الغرب الذي يتحدث عن الديموقراطية والدستور لا يفهم شيئاً، فالليبي لا يريد سوى الأمان والأكل والشرب والتعليم»، انتهى كلام «سيف القامعين» الذي يرى أن كل ما يحق لليبيين، وهو من أوصلهم لهذه الحال، هو أن يأمنوا على أنفسهم ويأكلوا ويشربوا فقط، أما الديموقراطية والدستور فنكتة غربية ولا مفهوم سياسي عجزت جامعته البريطانية عن شرحها له، ولهذا فصلت الجامعة أستاذه، وشكّكت في أن شهادته مزوّرة. سؤالي هو: من أي مدارس تخرج هؤلاء الرؤساء؟ من مدارس الرقص على الحبال التي تشبه برامج ستار أكاديمي... أكيد؟